164

Sharh Talcat Shams

شرح طلعة الشمس على الألفية

Genres

فرع البدر الشماخي -رحمه الله تعالى-، على هذه القاعدة قول القائل: والله لا أبيع الخمر، فباعها، قال إن حمل على البيع الشرعي لم يحنث لعدم ثبوت عقدة البيع، وإن حمل على اللغوي حنث، أقول: والظاهر أن هذه المسألة ليست من فروع تلك القاعدة فإن تلك القاعدة إنما هي في بيان خطاب الشارع، لا في بيان كلام العوام، فالظاهر أن الحنث له لازم قولا واحدا حملا على المعنى اللغوي، وأيضا لا يعقل من بيع الخمر إلا المعنى اللغوي؛ لأن المعنى الشرعي متعذر فيه أي لا وجود له هنالك حتى يحلف عنه والله أعلم، وبهذه التحقيقات التي ذكرناها يظهر لك معنى قول المصنف، وصوب البدر الخ، صوب بدر العلماء أبو العباس أحمد بن سعيد الشماخي كغيره من المحققين أنه لا إجمال في تلك الأشياء المذكورة؛ لأن المراد منها معلوم إذ المراد من قوله تعالى: { حرمت عليكم أمهاتكم }، حرمة النكاح عقدا ومسا، والمراد من البواقي وهي لا صلاة، لا صيام، إلى آخرها عدم الصحاح اسم بمعنى الصحة أي المراد بنفيها نفي صحتها حقيقة عرفية فيها كما تقدم، والمراد برفع الخطأ رفع إثمه؛ أي المؤاخذة عليه كما تقدم أيضا، ومثله رفع النسيان، والصوم معلوم من الشرع اسما، وحكما، فيحمل ما خاطبنا الشارع به على ما عرفنا من عرفه فلا وجه للعدول عنه، ولا للتوقف في بيان المراد منه، وكذا كل ما كان له مسمى في الشرع كما قدمنا ذكره مفصلا، محررا، والله أعلم.

ثم أخذ في بيان أن المجمل واقع في القرآن والحديث على الصحيح فقال:

وصحوا وقوع هذا الباب ... في سنة الرسول والكتاب

صحح جمهور العلماء أن المجمل واقع في الكتاب والسنة، فمنه في الكتاب قوله تعالى: { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح }، { أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم }، { وآتوا حقه يوم حصاده }، لتردد معنى الآية الأولى بين الولي، والزوج، ولا إبهام ما يتلى علينا قبل نزول البيان في الآية الثانية، ولتردد الحق بين الزكاة، وغيرها في الآية الثالثة، وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إلاه إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها"، فإن الحق مجهول الجنس، والقدر، ونفي داوود الظاهري وقوعه فيها محتجا بأنه إن وقع مبينا فتطويل بلا فائدة، وإن وقع غير مبين فتكليف بما لا يطاق، وجوابه أنه وقع مبينا، وغير مبين، وفائدته إما بحسب الوضع العربي فهي تشويق النفس إلى البيان، وتشوفها إلى الإطلاع على المقصود فيرد البيان على ذهن السامع بعد التهيؤ؛ لقبوله والتشوق لوروده فيكون ذلك أدعى لقبوله، وإما بحسب الحكم الشرعي فإن سامعه يستعد للامتثال عند البيان إذا بين فيؤجر، وأيضا فإن العمل بالمجمل لم يطلب منا إلا بعد بيان معناه وزوال إجماله، فلا يكون وقوعه في الكتاب والسنة تكليفا بما لا يطاق والله أعلم.

ثم أنه أخذ في بيان حكم المجمل وحكم بيانه فقال:

Page 182