239

Sharh Sudur

شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور

Investigator

عبد المجيد طعمة حلبي

Publisher

دار المعرفة

Edition Number

الأولى

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

لبنان

Genres

أَن أَرْوَاح الْكفَّار فِي السَّمَاء وَهُوَ مُخَالف لِلْقُرْآنِ وَلِحَدِيث أَن السَّمَاء لَا تفتح لأرواح الْكفَّار وَقد ورد فِي بعض طرق الحَدِيث مَا يزِيل الْإِشْكَال وَلَفظه وَإِذا هُوَ تعرض عَلَيْهِ أَرْوَاح ذُريَّته فَإِذا كَانَ روح الْمُؤمن قَالَ روح طيبَة إجعلوها فِي عليين وَإِذا كَانَ روح الْكَافِر قَالَ روح خبيثة إجعلوها فِي سِجِّين الحَدِيث فَفِي هَذَا أَنه تعرض عَلَيْهِ أَرْوَاح ذُريَّته فِي السَّمَاء الدُّنْيَا وَأَنه يُؤمر بِجعْل الْأَرْوَاح فِي مستقرها فَدلَّ على أَن الْأَرْوَاح لَيْسَ مَحل إستقرارها فِي السَّمَاء الدُّنْيَا وَزعم إِبْنِ حزم أَن الله خلق الْأَرْوَاح جملَة قبل الأجساد وَأَنه جعلهَا فِي برزخ وَذَلِكَ البرزخ عِنْد مُنْقَطع العناصر بِحَيْثُ لَا مَاء وَلَا هَوَاء وَلَا تُرَاب وَلَا نَار وَأَنه إِذا خلق الأجساد أَدخل فِيهَا تِلْكَ الْأَرْوَاح ثمَّ يُعِيدهَا عِنْد قبضهَا إِلَى ذَلِك البرزخ وتعجل أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء إِلَى الْجنَّة وَهَذَا قَول لم يقلهُ أحد من الْمُسلمين وَلَا هُوَ من جنس كَلَامهم وَإِنَّمَا هُوَ من جنس كَلَام المتفلسفة وَحكي عَن طَائِفَة من الْمُتَكَلِّمين أَن الْأَرْوَاح تَمُوت بِمَوْت الأجساد وَنسب إِلَى الْمُعْتَزلَة وَقَالَ بِهِ جمَاعَة من فُقَهَاء الأندلس قَدِيما مِنْهُم عبد الْأَعْلَى بن وهب بن مُحَمَّد بن عمر بن لبَابَة وَمن متأخريهم كالسهيلي وَأبي بكر بن الْعَرَبِيّ وَقد اشْتَدَّ نَكِير الْعلمَاء لهَذِهِ الْمقَالة حَتَّى قَالَ سَحْنُون بن سعيد وَغَيره هَذَا قَول أهل الْبدع والنصوص الْكَثِيرَة الدَّالَّة على بَقَاء الْأَرْوَاح بعد مفارقتها للأبدان ترد ذَلِك وتبطله وَالْفرق بَين حَيَاة الشُّهَدَاء وَغَيرهم من الْمُؤمنِينَ الَّذين أَرْوَاحهم فِي الْجنَّة من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن أَرْوَاح الشُّهَدَاء تخلق لَهَا أجساد وَهِي الطير الَّتِي تكون فِي حواصلها ليكمل بذلك نعيمها وَيكون أكمل من نعيم الْأَرْوَاح الْمُجَرَّدَة عَن الأجساد فَإِن الشُّهَدَاء بذلوا أَجْسَادهم للْقَتْل فِي سَبِيل الله فعوضعوا عَنْهَا بِهَذِهِ الأجساد فِي البرزخ وَالثَّانِي أَنهم يرْزقُونَ من الْجنَّة وَغَيرهم لم يثبت فِي حَقه مثل ذَلِك وَإِن جَاءَ أَنهم يعلقون فِي شجر الْجنَّة فَقيل مَعْنَاهُ التَّعَلُّق وَقيل الْأكل من الشّجر وَبِكُل حَال فَلَا يلْزم مساواتهم للشهداء فِي كَمَال تنعمهم فِي الْأكل وَالله أعلم ٨٢ - وَأما مَا أخرجه إِبْنِ السّني عَن إِبْنِ مَسْعُود أَن النَّبِي ﷺ كَانَ إِذا دخل الْمَقَابِر قَالَ السَّلَام عَلَيْكُم أيتها الْأَرْوَاح الفانية والأبدان البالية وَالْعِظَام النخرة

1 / 249