267

Sharḥ Nahj al-Balāgha

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

1418 AH

Publisher Location

بيروت

فأخرجه عثمان ، وأرسل إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وإلى معاوية وسعيد بن العاص وعمرو بن العاص وعبد الله بن عامر - وكان قد استقدم الأمراء من أعمالهم - فشاورهم ، وقال : إن لكل أمير وزراء ونصحاء ، وإنكم وزرائي ونصحائي وأهل ثقتي ، وقد صنع الناس ما قد رأيتم ، وطلبوا إلى أن أعزل عمالي وأن أرجع عن جميع ما يكرهون إلى ما يحبون ، فاجتهدوا رأيكم .

فقال عبد الله بن عامر : أرى لك يا أمير المؤمنين أن تشغلهم بالجهاد حتى يذلوا لك ، ولا تكون همة أحدهم إلا في نفسه ، وما هو فيه من دبر دابته وقمل فروته .

وقال سعيد بن العاص : احسم عنك الداء واقطع عنك الذي تخاف ، إن لكل قوم قادة متى يهلكوا يتفرقوا ولا يجتمع لهم أمر . فقال : إن هذا لهو الرأي لولا ما فيه .

وقال معاوية : أشير عليك أن تأمر أمراء الأجناد ، فيكفيك كل رجل منهم ما قبله ، فأنا أكفيك أهل الشام .

وقال عبد الله بن سعد : إن الناس أهل طمع ، فأعطهم من هذا المال تعطف عليك قلوبهم .

فقال عمرو بن العاص : يا أمير المؤمنين ، إنك ركبت الناس ببني أمية ، فقلت وقالوا ، زغت وزاغوا ، فاعتدل أو اعتزل ، فإن أبيت فاعزم عزما ، وامض قدما .

فقال له عثمان : مالك قمل فروك ! أهذا بجد منك ! فسكت عمرو حتى تفرقوا ، ثم قال : والله يا أمير المؤمنين ، لأنت أكرم علي من ذلك ، ولكني علمت أن بالباب من يبلغ الناس قول كل رجل منا فأردت أن يبلغهم قولي ، فيثقوا بي ، فأقود إليك خيرا ، وأدفع عنك شرا . فرد عثمان عماله إلى أعمالهم ، وأمرهم بتجهيز الناس في البعوث ، وعزم على أن يحرمهم أعطياتهم ليطيعوه ، ورد سعيد بن العاص إلى الكوفة ، فتلقاه أهلها بالجرعة - وكانوا قد كرهوا إمارته ، وذموا سيرته - فقالوا له : ارجع إلى صاحبك ، فلا حاجة لنا فيك . فهم بأن يمضي لوجهه ولا يرجع ، فكثر الناس عليه ، فقال له قائل : ما هذا ! أترد السيل عن أدراجه ! والله لا يسكن الغوغاء إلا المشرفية ، ويوشك أن تنتضى بعد اليوم ، ثم يتمنون ما هم اليوم فيه فلا يرد عليهم . فارجع إلى المدينة ، فإن الكوفة ليست لك بدار .

Page 81