Sharḥ Mukhtaṣar al-Rawḍa
شرح مختصر الروضة
Editor
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Publisher
مؤسسة الرسالة
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ عَمْدًا، فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنِ الْقِصَاصِ عَلَى رَقَبَةِ الْعَبْدِ، فَهَلْ يَمْلِكُهُ بِغَيْرِ رِضَا السَّيِّدِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَصَحُّهُمَا لَا يَمْلِكُهُ بِدُونِ رِضَاهُ، لِأَنَّهُ بِالْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ صَارَتْ جِنَايَتُهُ كَالْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ، وَالسَّيِّدُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَسْلِيمِ الْعَبْدِ كَمَا سَبَقَ، وَمِلْكُ الْوَلِيِّ لِرَقَبَتِهِ بِدُونِ رِضَا السَّيِّدِ يُنَافِي التَّخْيِيرَ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ هَذَا فُرُوعٌ مُؤْنِسَةٌ بِهَذَا الْأَصْلِ، لِيَتَبَيَّنَ لِلنَّاظِرِ كَيْفَ تُفَرَّعُ الْأَحْكَامُ عَنْ أُصُولِهَا، وَاقْتِنَاصُهَا مِنْهَا.
وَثَمَّ فُرُوعٌ أُخَرُ لَمْ أَذْكُرْهَا خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذِهِ الْمَبَاحِثَ اللُّغَوِيَّةَ وَالشَّرْعِيَّةَ فِي أَثْنَاءِ مَسْأَلَةِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ قَبْلَ كَمَالِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِنَا: «وَلِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ بِلَفْظِ» أَوْ «وَهِيَ لِلتَّخْيِيرِ وَالْإِبْهَامِ» .
قَوْلُهُ: «قَالُوا: فَإِنِ اسْتَوَتِ الْخِصَالُ» إِلَى آخِرِهِ.
هَذَا دَلِيلُ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ جَمِيعُ الْخِصَالِ. وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ خِصَالَ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ، إِمَّا أَنْ تَسْتَوِيَ فِي تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْمُكَلَّفِ أَوْ لَا تَسْتَوِيَ؟ فَإِنِ اسْتَوَتْ، بِأَنْ كَانَتْ مَصْلَحَتُهُ مَثَلًا فِي التَّكْفِيرِ بِالْعِتْقِ مِثْلَ مَصْلَحَتِهِ فِي التَّكْفِيرِ بِالصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهَا وَاجِبًا، لِأَنَّ اخْتِيَارَ التَّكْفِيرِ بِبَعْضِهَا مَعَ تَسَاوِيهَا فِي الْمَصْلَحَةِ يَكُونُ تَرْجِيحًا مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، وَهُوَ مُحَالٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوِ الْجَمِيعُ فِي الْمَصْلَحَةِ، بَلِ اخْتُصَّ بِهَا بَعْضُ الْخِصَالِ، أَوْ تَرَجَّحَ فِيهَا، مِثْلُ إِنِ اخْتُصَّ الْعِتْقُ
1 / 303