198

Sharh Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Investigator

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ضَرُورِيَّاتِ الشَّرِيعَةِ إِلَّا مَا نَدَرَ مِنْ إِلْحَاقِ بَعْضِ الْقَاصِرِينَ بِالْمُجْتَهِدِينَ بِحَسَبِ السَّابِقَةِ، وَالسَّعَادَةِ اللَّاحِقَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ، فَلَا بُدَّ مِنْ سَبَبٍ، أَوْ شُبْهَةِ سَبَبٍ. فَحِينَئِذٍ نَقُولُ: الْعَقْلُ وَالشَّرْعُ يَمْنَعَانِ مِنْ تَرْكِ الْمَنْدُوبَاتِ اسْتِصْلَاحًا وَنَظَرًا، لَا عَزْمًا وَجَزْمًا، وَإِذَا ثَبَتَ مَعْنَى الْمَنْعِ فِي فِعْلِ الْمَنْدُوبِ، فَافْهَمْ مِثْلَهُ فِي تَرْكِ الْمَكْرُوهِ، لِأَنَّهُمَا مُتَقَابِلَانِ وَسِيَّانِ فِي الْوَزْنِ، فَكَمَا يُمْنَعُ الْمُكَلَّفُ الْمُفْطِرُ مِنْ تَرْكِ السِّوَاكِ مَنْعًا غَيْرَ جَازِمٍ، كَذَلِكَ يُمْنَعُ الصَّائِمُ مِنَ السِّوَاكِ بَعْدَ الزَّوَالِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ مَنْعًا غَيْرَ جَازِمٍ، لِأَنَّ تَرْكَ السِّوَاكِ لِلْأَوَّلِ مَكْرُوهٌ، وَلِلثَّانِي مَنْدُوبٌ، فَبِالنَّظَرِ إِلَى وُجُودِ مُطْلَقِ مَعْنَى الْمَنْعِ فِي النَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ، لَحِقَا بِالْوُجُوبِ وَالْحَظْرِ، فِي تَنَاوُلِ التَّكْلِيفِ لَهُمَا، وَبِالنَّظَرِ إِلَى [أَنَّ] الْمَنْعَ فِيهِمَا اصْطِلَاحٌ لَا عَزْمَ وَجَزْمَ قَصْرًا، فَلَمْ يَتَنَاوَلْهُمَا التَّكْلِيفُ.
وَإِضَافَةُ الْأَحْكَامِ إِلَى التَّكْلِيفِ، فِي قَوْلِنَا: «أَحْكَامُ التَّكْلِيفِ» هِيَ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى سَبَبِهِ، لِأَنَّ التَّكْلِيفَ سَبَبُ ثُبُوتِ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَقِّنَا، لِأَنَّا لَمَّا أُلْزِمْنَا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ تَرْكَ الْمَعَاصِيَ، وَفِعْلَ الطَّاعَاتِ، ثَبَتَ فِي حَقِّنَا تَحْرِيمُ الْمَحْظُورَاتِ، وَوُجُوبُ الْوَاجِبَاتِ.

1 / 249