Sharh Mukhtasar Rawda
شرح مختصر الروضة
Investigator
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Publisher
مؤسسة الرسالة
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اشْتِرَاطِ التَّقْدِيمِ، وَجُزْءُ الشَّيْءِ يَتَقَدَّمُهُ، وَيَتَوَقَّفُ الشَّيْءُ عَلَيْهِ. وَبِالْجُمْلَةِ: هَذَا تَدْقِيقٌ، لَيْسَ وَرَاءَهُ تَحْقِيقٌ، إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ إِعْنَاتِ الْخَصْمِ.
وَقَوْلِي: «وَمَنْعُ الْأَصْلِ» أَيْ: مَنْعُ حُكْمِ الْمُحْدِثِ الْمَذْكُورِ، يَسْتَلْزِمُ مَا قَرَّرْنَاهُ، لِأَنَّا جَعَلْنَا حُكْمَ الْمُحْدِثِ - وَهُوَ تَكْلِيفُهُ بِالصَّلَاةِ - بِشَرْطِ تَقْدِيمِ الْوُضُوءِ، أَصْلًا لِحُكْمِ الْكَافِرِ - وَهُوَ تَكْلِيفُهُ بِالْفُرُوعِ - بِشَرْطِ تَقْدِيمِ الْإِيمَانِ.
قَالَ الْكِنَانِيُّ فِي «مَطَالِعِ الْأَحْكَامِ»: مَأْخَذُ الْمَسْأَلَةِ، أَنَّهُ لَيْسَ فِي تَرْتِيبِ الثَّوَانِي عَلَى الْأَوَائِلِ مَا يُخْرِجُهَا عَنْ أَنْ تَكُونَ مُمْكِنَةً.
قُلْتُ: مَعْنَاهُ، أَنَّ تَرْتِيبَ التَّكْلِيفِ عَلَى اشْتِرَاطِ تَقْدِيمِ الْإِيمَانِ، هُوَ تَرْتِيبُ أَمْرٍ ثَانٍ عَلَى وُجُودِ أَمْرٍ أَوَّلٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُمْتَنِعًا، وَلَا مُوجِبًا لِلِامْتِنَاعِ، كَالْآحَادِ الْمُتَرَتِّبَةِ فِي مَرَاتِبِ الْعَدَدِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا مُتَرَتِّبُ الْوُجُودِ عَلَى مَا قَبْلَهُ، الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَالثَّالِثُ عَلَى الثَّانِي، وَهَلُمَّ جَرَّا.
قَالَ أَيْضًا: وَإِذَا ثَبَتَ مُعَاقَبَتُهُمْ عَلَى تَرْكِ الْإِيمَانِ إِجْمَاعًا فَلْتَصِحَّ مُعَاقَبَتُهُمْ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ، إِذَا مَضَى مِنَ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الْفِعْلَ الْأَوَّلَ، يَعْنِي إِذَا مَضَى مِنْ وَقْتِ التَّكْلِيفِ بِبَلَاغِ الْخِطَابِ مَا يَسَعُ فِعْلَ الْإِيمَانِ، بِأَنْ يَقُولَ الْكَافِرُ: آمَنْتُ، أَوْ يَأْتِي بِالشَّهَادَتَيْنِ، أَوْ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: «وَالنَّصُّ» إِلَى آخِرِهِ. هُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْقَطْعُ، فِي قَوْلِهِ: «لَنَا، الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ» أَيْ: لَنَا الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ وَالنَّصُّ عَلَى الْوُقُوعِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْجَوَازِ، نَحْوَ قَوْلِهِ ﷾: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ٩٧]، وَقَوْلِهِ
1 / 208