Sharḥ Mukhtaṣar al-Rawḍa
شرح مختصر الروضة
Editor
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Publisher
مؤسسة الرسالة
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اجْتِمَاعِ الضِّدَّيْنِ، أَنْ يَقُولَ: أَنْتُمْ تُدْرِكُونَ ذَلِكَ وَأَنَا لَا أُدْرِكُهُ، وَلَمَّا رَأَيْنَا الْحُجَّةَ تَقُومُ مُطْلَقًا عَلَى عُمُومِ النَّاسِ، عِنْدَ الِانْتِهَاءِ إِلَى هَذِهِ الْقَضَايَا، عَلِمْنَا اسْتِوَاءَ النَّاسِ فِي الْعُقُولِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُجَّةَ قَوِيَّةٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ النِّزَاعَ لَيْسَ مَوْرِدُهُ وَاحِدًا، وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، أَنَّ الْعَقْلَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: طَبْعِيٌّ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَتَفَاوَتُ فِي الْعُقَلَاءِ، وَكَسْبِيٌّ تَجْرِيبِيٌّ، وَهُوَ الَّذِي يَتَفَاوَتُونَ فِيهِ.
وَقَدْ جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁، أَنَّ الْعَقْلَ الطَّبِيعِيَّ يَتَنَاهَى إِلَى سَبْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَالتَّجْرِيبِيَّ لَا يَتَنَاهَى إِلَّا بِالْمَوْتِ.
ثُمَّ الْعَقْلُ، تَارَةً يُصَدِّقُ بِالْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ، بَلْ بِمُجَرَّدِ تَصَوُّرِ طَرَفَيْ قَضِيَّتِهِ، كَقَوْلِنَا: الْوَاحِدُ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ، وَهِيَ الْبَدِيهِيَّاتُ وَالضَّرُورِيَّاتُ، وَتَارَةً يَحْتَاجُ فِي التَّصْدِيقِ إِلَى وَاسِطَةِ النَّظَرِ، كَقَوْلِنَا: الْعَالَمُ مُحْدَثٌ، فَيَتَوَقَّفُ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْوَاسِطَةِ، فَنَقُولُ: الْعَالَمُ مُؤَلَّفٌ، وَكُلُّ مُؤَلَّفٍ مُحْدَثٌ، وَهِيَ النَّظَرِيَّاتُ، وَيَنْتَهِي إِلَى الضَّرُورِيَّاتِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يُصَدِّقْ بِأَنَّ الْعَالَمَ مُحْدَثٌ، وَصَدَّقَ بِأَنَّهُ مُؤَلَّفٌ، لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ لَهُ مُشَاهَدٌ، وَصَدَّقَ بِأَنَّ الْمُؤَلَّفَ مُحْدَثٌ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَيْضًا، إِذِ
1 / 173