117

Sharh Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Investigator

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ بِالسَّبَبِ، كَمَا سَنُقَرِّرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُهُ: «وَلَا يَرِدُ مَا تَعَلَّقَ بِفِعْلِ الْبَهِيمَةِ» أَيْ: لَا يَرِدُ عَلَى قَوْلِنَا: «الثَّابِتَةُ لِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ أَوِ النَّاسِ» مَا تَعَلَّقَ بِفِعْلِ الْبَهِيمَةِ، كَضَمَانِ مَا أَتْلَفَتْهُ مِنْ زَرْعٍ وَغَيْرِهِ، نَقْضًا، مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ بِفِعْلِهَا، وَلَيْسَتْ مُكَلَّفَةً، وَلَا مِنَ النَّاسِ «لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِفِعْلِهَا بِالنَّظَرِ إِلَى مَالِكِهَا لَا إِلَيْهَا نَفْسِهَا» فَكَأَنَّهَا كَالْآلَةِ لَهُ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِهِ بِوَاسِطَةِ فِعْلِهَا، وَيَرْجِعُ إِلَى رَبْطِ الْحُكْمِ بِالسَّبَبِ. وَقَالَ فِي «الْمَحْصُولِ»: الْفِقْهُ عِبَارَةٌ عَنِ الْعِلْمِ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُسْتَدَلِّ عَلَى أَعْيَانِهَا بِحَيْثُ لَا نَعْلَمُ كَوْنَهَا مِنَ الدِّينِ ضَرُورَةً، وَالسُّؤَالُ عَلَى لَفْظِ الْعِلْمِ قَدْ سَبَقَ وَجَوَابُهُ. وَالْعَمَلِيَّةِ: احْتِرَازٌ عَنِ الْعِلْمِ بِكَوْنِ الْإِجْمَاعِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ حُجَّةً، فَإِنَّهَا أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ، وَلَيْسَتْ مِنَ الْفِقْهِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَمَلِيَّةً، أَيْ: لَيْسَ الْعِلْمُ بِهَا عِلْمًا بِكَيْفِيَّةِ عَمَلٍ. وَالْمُسْتَدِلُّ عَلَى أَعْيَانِهَا: احْتِرَازٌ مِنْ عِلْمِ الْمُقَلِّدِ لِأَنَّهُ عَنْ غَيْرِ اسْتِدْلَالٍ، كَمَا سَبَقَ. خَاتِمَةٌ لِهَذَا الْفَصْلِ: كُنْتُ قَدْ وَعَدْتُ بِذِكْرِ الْعِلْمِ، لِوُقُوعِهِ فِي حَدِّ الْفِقْهِ، وَبِمُقْتَضَى ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ الظَّنُّ وَالْمَعْرِفَةُ أَيْضًا، لِوُقُوعِهِمَا فِي الْحُدُودِ، فَلْنَذْكُرْ ذَلِكَ مَعَ غَيْرِهِ مِمَّا يَلِيقُ ذِكْرُهُ هَاهُنَا. فَنَقُولُ: أَمَّا الْعِلْمُ فَالْكَلَامُ فِي حَدِّهِ وَأَقْسَامِهِ وَمَدَارِكِهِ، أَمَّا حَدُّهُ، فَقَدْ كَثُرَ لَهَجُ الْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ بِقَوْلِهِمْ: مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي «الْعُدَّةِ» وَقَالَ: لَوِ اقْتَصَرْنَا عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَعْلُومِ لَكَفَى، لَأَنَّ مَعْرِفَتَهُ لَا تَكُونُ إِلَّا عَلَى مَا هُوَ بِهِ، وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ مَعْرِفَةً لَهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ، وَلَمْ نَقُلِ: الشَّيْءَ، لِأَنَّ الْمَعْلُومَ

1 / 168