Sharh Mukhtasar Rawda
شرح مختصر الروضة
Investigator
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Publisher
مؤسسة الرسالة
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جَائِزًا، لَكِنَّهُ غَيْرُ وَاقِعٍ فِي الْفُرُوعِ.
وَهَذَا هُوَ جَوَابُ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ فِي «الْمَحْصُولِ»، وَلَفْظُهُ: فَإِنْ قُلْتَ: الْفِقْهُ مِنْ بَابِ الظُّنُونِ، فَكَيْفَ جَعَلْتَهُ عِلْمًا؟ قُلْتُ: الْمُجْتَهِدُ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مُشَارَكَةُ صُورَةٍ لِصُورَةٍ فِي مَنَاطِ الْحُكْمِ، قَطَعَ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِمَا أَدَّى إِلَيْهِ ظَنُّهُ، فَالْحُكْمُ مَعْلُومٌ قَطْعًا، وَالظَّنُّ وَقَعَ فِي طَرِيقِهِ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَمِثَالُهُ، قَوْلُنَا: الْخَمْرُ مُحَرَّمٌ بِعِلَّةِ الْإِسْكَارِ، وَهِيَ مَنَاطُ الْحُكْمِ، وَالنَّبِيذُ يُشَارِكُ الْخَمْرَ فِي الْعِلَّةِ، فَغَلَبَ بِذَلِكَ عَلَى ظَنِّنَا تَحْرِيمُ النَّبِيذِ، وَعَلِمْنَا بِالْإِجْمَاعِ وُجُوبَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَاجْتِنَابِهِ، بِمُقْتَضَى هَذَا الظَّنِّ، فَالْحُكْمُ الْمَطْلُوبُ، هُوَ وُجُوبُ اجْتِنَابِهَا، وَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الظَّنُّ فِي طَرِيقِ التَّوَصُّلِ إِلَى مَعْرِفَةِ هَذَا الْوُجُوبِ، وَهُوَ قَوْلُنَا: النَّبِيذُ يُشَارِكُ الْخَمْرَ فِي الْإِسْكَارِ، الَّذِي هُوَ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَهُوَ مَنَاطُ الْحُكْمِ، وَإِذَا شَارَكَهُ فِي مَنَاطِ الْحُكْمِ، وَجَبَ الْقَوْلُ بِتَحْرِيمِهِ.
فَهَذَا قِيَاسٌ تَوَصَّلْنَا بِهِ إِلَى حُصُولِ الظَّنِّ بِتَحْرِيمِ النَّبِيذِ، وَهُوَ قِيَاسٌ ظَنِّيٌّ، فَلَمَّا حَصَلَ لَنَا الظَّنُّ مِنَ الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ، حَكَمْنَا بِالْإِجْمَاعِ وَالْعَقْلِ، عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ وُجُوبِ الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقِيَاسَ الشَّرْعِيَّ ظَنِّيٌّ، وَأَنَّ الْإِجْمَاعَ قَاطِعٌ، فَالْإِجْمَاعُ الْقَاطِعُ أَوْجَبَ الْعَمَلَ بِالظَّنِّ الْحَاصِلِ عَنِ الْقِيَاسِ الَّذِي هُوَ طَرِيقٌ إِلَى الْعِلْمِ بِالْوُجُوبِ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّيْقَلِ فِي جَوَابِ هَذَا السُّؤَالِ: الظُّنُونُ لَيْسَتْ فِقْهًا، وَإِنَّمَا الْفِقْهُ الْعِلْمُ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ عِنْدَ قِيَامِ الظُّنُونِ.
وَقَدْ أَكْثَرْتُ فِي هَذَا الْمَكَانِ، لِأَنَّهُ مِمَّا يَسْتَشْكِلُ فَهْمُهُ، فَقَصَدْتُ بِالْإِكْثَارِ فِيهِ
1 / 159