211

Sharh Mishkat

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

Investigator

د. عبد الحميد هنداوي

Publisher

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Publisher Location

الرياض

Genres

١٥٥ - وعنه، قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام. فقال رسول الله ﷺ: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم و(قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ ومَا أُنزِلَ إلَيْنَا») الآية. رواه البخاري.
١٥٦ - وعنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع» رواه مسلم. [١٥٦]
ــ
الحديث السادس عشر عن أبي هريرة ﵁: قوله: «لا تصدقوا أهل الكتاب» يعني إذا حدثت اليهود والنصارى بشيء من التوراة والإنجيل لا تصدقوهم، لعلهم حدثوكم بما هو محرف ومختلط منهما، ولا تكذبوهم أيضًا لاحتمال أن يكونوا حقا وصدقًا، بل قولوا: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ ومَا أُنزِلَ إلَيْنَا ومَا أُنزِلَ إلَى إبْرَاهِيمَ﴾ الآية، إن كان حقا آمنا به لأنا آمنا بجميع الرسل، وبما أنزل إليهم من الله تعالى، وإن لم يكن حقا فلا نؤمن به، ولا نصدقه أبدًا. «حس»: هذا أصل في وجوب التوقف عما يشكل من الأمور والعلوم، فلا يقضي فيه بجواز ولا بطلان، وعلى هذا كان السلف. سئل عثمان ﵁ عن الجمع بين الأختين من ملك اليمين، قال: أحلتهما آية، وحرمتهما آية. ولم يقض فيه بشيء.
الحديث السابع عشر عن أبي هريرة ﵁: قوله: «كفى بالمرء كذبًا» «مظ»: «كذبًا» منصوب على التمييز، و«أن يحدث» فاعل «كفى» و«بالمرء» مفعوله، يعني لو لم يكن للرجل كذب إلا تحدثيه بكل ما سمع – من غير تبينه أنه صدق أو كذب – يكفيه وحسبه من الكذب؛ لأن الرجل إذا تحدث بكل ما سمع لم يخلص من الكذب؛ لأن جميع ما يسمع الرجل لا يكون صدقًا، بل يكون بعضه كذبًا. وهذا زجر عن التحدث بشيء لم يعلم صدقه، بل يلزم على الرجل أن يبحث في كل ما سمع من الحكايات والأخبار، وخاصة من أحاديث الرسول ﵊، فإن علم صدقه يتحدث، وإلا فلا يتحدث.
أقول: لعل محيي السنة مال إلى أن الحديث ورد في الأحاديث النبوية خاصة، حيث أورد هذا الحديث في باب الاعتصام بالكتاب والسنة، ويعضده ما روي: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج».

2 / 623