188

Sharh Mishkat

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

Investigator

د. عبد الحميد هنداوي

Publisher

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Publisher Location

الرياض

Genres

١٣٦ - وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: «هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفًا من الملائكة، لقد ضم ضمة ثم فرج عنه» رواه النسائي [١٣٦].
١٣٧ - وعن أسماء بنت أبي بكر، قالت: قام رسول الله ﷺ خطيبًا، فذكر فتنة القبر التي يفتن فيها المرء، فلما ذكر ذلك، ضج المسلمون ضجة. رواه البخاري هكذا، وزاد النسائي: حالت بيني وبين أن أفهم كلام رسول الله ﷺ، فلما سكنت ضجتهم قلت لرجل قريب مني: أي بارك الله فيك! ماذا قال رسول الله ﷺ في آخر قوله؟ قال: «قد أوحي إلى أنكم تفتنون في القبور قريبًا من فتنة الدجال» [١٣٧].
ــ
الحديث الثاني عن ابن عمر ﵄: قوله: «هذا لذي» المشار إليه سعد بن معاذ، و«هو» للتعظيم كما سبق في الحديث الأول. قوله: «تحرك» وفي آخر: «اهتز» أي اهتز العرش لموت سعد، وأصل الهز الحركة، واهتز إذا تحرك، واستعمله في معنى «الارتياح» أي ارتاح بصعوده واستبشر لكرامته على ربه، وكل من خف لأمر وارتاح له فقد اهتز له. وقيل أراد فرح أهل العرش بموته.
وأقول: يمكن أن يقال: إن تحرك العرش لفقده على طريقة قوله تعالى: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ والأَرْضُ﴾.
«الكشاف»: إذا مات رجل خطير قالت العرب في تعظيم مهلكه: بكت عليه السماء والأرض، وأظلمت له الشمس، ورثى ابن جرير لعمر بن عبد العزيز وقال:
نعى النعاة أمير المؤمنين لنا يا خير من حج بيت الله واعتمرا
حملت أمرًا عظيمًا فاصطبرت له وقمت فيه بأمر الله يا عمرا
الشمس طالعة ليست بكاسفة تبكي عليك نجوم الليل والقمرا
و«شهده» أي حضر جنازته، ولقد ضم اللام فيه جواب القسم، والتنكير في «ضمة» يحتمل التفخيم والتقليل والأول أظهر؛ لدليل تسبيح رسول الله ﷺ وتكبيره، واقتداء المؤمنين به، فعلى هذا «ثم» في قوله: «ثم فرج عنه» لتراخى مدة الضم.
الحديث الثالث عن أسماء: قوله: «التي بفتن» صفة للفتنة وبيان له، يعني ذكر الفتنة.

2 / 600