129

Sharh Mishkat

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

Investigator

د. عبد الحميد هنداوي

Publisher

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Publisher Location

الرياض

Genres

فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقال: «لا، بل شيء قضى عليهم ومضى فيهم، وتصديق ذلك في كتاب الله ﷿: ﴿ونَفْسٍ ومَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وتَقْوَاهَا﴾ رواه مسلم. [٨٧] ٨٨ - وعن أبي هريرة، قال: قلت: يا رسول الله! إني رجل شاب، وأنا أخاف على نفسي العنت، ولا أجد ما أتزوج به النساء، كأنه يستأذنه في الاختصاء، ــ ﵇، ونقلنا عن القاضي خلاف ذلك. ومما يؤاخيه أن عبد الله بن طاهر دعا الحسين بن الفضل فقال: أشكل على قوله تعالى: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ وقال النبي ﷺ: «جف القلم بما أنت لاق» فأجاب: إنها شئون يبديها، لا شئون يبتديها، فقام عبد الله وقبل رأسه. قال بعض العارفين: إن القدر كتقدير النقاش الصورة في ذهنه، والقضاء كرسمه تلك الصورة للتلميذ بالأسرب، ووضع التلميذ الصبغ عليها متبعا لرسم الأستاذ هو الكسب والاختيار، والتلميذ في اختياره لا يخرج عن رسم الأستاذ، كذلك العبد في اختياره لا يمكنه الخروج عن القضاء والقدر، ولكنه متردد بينهما. قوله: «أو فيما يستقبلون به مما آتاهم به نبيهم» كذا في صحيح مسلم، وكتاب الحميدي، وجامع الأصول، ووقع في نسخ المصابيح «أم فيما يستقبلون؟» فقال: «لا، بل شيء قضى عليهم». أقول: على كلتا الروايتين ليس السؤال عن تعيين أحد الأمرين، إذ الجواب – وهو قوله – ﵊: «لا، بل» – غير مطابق له، وإذا تقرر هذا فـ «أم» منقطعة، و«أو» بمعنى بل، وتحريره: أن السائل لما رأى الرسل يأمرون أممهم وينهونهم، اعتقد أن الأمر أنف، كما زعمت المعتزلة، فسأل أولا عن الأمر أهو شيء مقدر؟ ثم بدا له وأضرب عن ذلك، واستأنف فقال: أهو واقع فيما يستقبلون به؟ والهمزة للتقرير؛ فلذلك نفى رسول الله – ﵊ – ما أثبته، وقرره وأكده بـ «بل» ولو كان السؤال عن التعيين لقال: أشيء قضى عليهم، أم شيء يستقبلونه بالتكلم، بل غير العبارة وعدل إلى الغيبة، وعمم الأمم كلها وأنبياءهم، فدل ذلك على صحة ما قلناه، من إضرابه عن السؤال الأول إلى الثاني. الحديث العاشر عن أبي هريرة ﵁: قوله: «العنت» العنت الإثم، قال الله

2 / 541