Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Publisher
دار المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1401هـ - 1981م
Publisher Location
باكستان
Genres
وأما ثانيا فلأن الحال حينئذ تكون أبعد عن الوجود من المعدوم لما أنه ليس له التحقق ولا إمكان التحقق وليس كذلك لما أنهم يجعلونه قد تجاوز في التقرر والتحقق والثبوت حدا لعدم ولم يبلغ حد الوجود ولهذا جوزوا كونه جزء الموجود كلونية السواد وأما ثالثا فلأنه ينافي ما ذكره في تفسير الواسطة من أنه المعلوم الذي له تحقق لا باعتبار ذاته بل تبعا لغيره أو الكائن في الأعيان لا بالاستقلال بل تبعا لغيره ويمكن دفع الأخيرين بأن المراد بالتحقق الذي يتصور عروضه للمعدوم دون الواسطة هو التحقق بالاستقلال وأن الواسطة تكون أقرب إلى الوجود من حيث أن التحقق بالتبعية حاصل له بالفعل قال المبحث الخامس قد اشتهر خلاف في تمايز الإعدام فإن أريد أن ليس التمايز أمرا متحققا في الخارج أو ليست للعدمات أو المعدومات هوية عينية متمايزة فضروري لا يتصور فيه نزاع وإن أريد أن ليس لمفهوم العدم أفراد متمايزة عند العقل يختص كل منها بأحكام مخصوصة صادقة في نفس الأمر فباطل لأن عدم العلة موجب لعدم المعلول من غير عكس وعدم الشرط مناف لوجود المشروط وعدم المشروط لا ينافي وجود الشرط وعدم الضد عن المحل يصحح طريان الضد الآخر بخلاف عدم غير الضد ولما لم يكن التمايز إلا بحسب التعقل الذي وقع الخلاف في أنه هل هو وجود ذهني أم لا ذهب صاحب المواقف إلى أن الخلاف في تمايز الإعدام فرع الخلاف في الوجود الذهني فمن أثبته نفاه لأن التمايز لا يكون إلا في العقل أي بحسب التعقل والتصور فإن كان ذلك بوجود في الذهن على ما هو رأي المثبتين لم يتصور معدوم مطلقا أي معدوم ليس له شائبة الوجود لأن كل متصور فله وجود ذهني فلا يكون التمايز إلا للموجودات ومن نفاه أثبته لأن الإعدام ليست لها شائبة الوجود متمايزة في التصور وأنت خبير بأن الأمر بالعكس لأن الفلاسفة المثبتين للوجود الذهني يقولون يتمايز الأعدام وجمهور المتكلمين النافين له هم القائلون بعدم تمايزها فالأولى أن يقال في بيان التفرع أنه لما كان التميز عندهم وصفا ثبوتيا يستدعي ثبوت الموصوف به فمن أثبت الوجود الذهني حكم بتمايز الإعدام عند تصورها لما لها من الثبوت الذهني وإن كانت هي إعداما في أنفسها ومن نفاه حكم بعدم التمايز لعدم الثبوت أصلا قال والعدم قد يعرض لنفسه لما كان الحكم بتمايز الإعدام في التصور مظنة الاعتراض بأن التمايز ح يكون للموجودات الذهنية على ما هو رأي المحققين من الحكماء والمتكلمين حاول التنبيه على الجواب بذكر مسائل تدل على أن العدم بالذات لا ينافي الوجود باعتبار منها أن العدم يعرض لنفسه بأن يتصور العدم المطلق الذي هو نفي الكون في الأعيان ثم يزول ذلك عن الذهن فيكون ذلك عروضا للعدم على ما هو عدم في نفسه وإن كان موجودا من حيث حصوله في الذهن ومنها أن زوال العدم عن الذهن نوع من العدم المطلق من حيث كونه مضافا إلى العدم ومقابل له من حيث كونه نفيا له وسلبا ومنها أن المعدوم المطلق أعني ما ليس له ثبوت في الخارج ولا صورة في العقل ثابت من حيث أنه متصور فيصح الحكم عليه بامتناع الحكم عليه وقسيم للثابت من حيث ذاته فيمتنع الحكم عليه لاستدعائه ثبوت المحكوم عليه في الجملة فإن قيل فما لا يكون ثابتا بوجه من الوجوه من حيث أنه لا ثابت يمتنع الحكم عليه والحكم بامتناع الحكم حكم فيتناقض قلنا صحة الحكم عليه بامتناع الحكم ليست من جهة أنه لا ثابت بل من جهة أنه متصور ثابت في العقل وامتناع الحكم من جهة أنه لا ثابت في نفسه وبحسب مفهومه ولا تناقض لاختلاف الجهتين وهذا هو الجواب عن الشبهة المشهورة على قولهم الحكم على الشيء مشروط بتصوره بوجه ما وهي أنه لو صح ذلك لصدق قولنا لا شيء مما انتفى فيه هذا الشرط كالمجهول مطلقا يصح الحكم عليه ضرورة انتفاء المشروط بانتفاء الشرط واللازم باطل لأن موضوع هذه السالبة إن كان ثابتا معلوما بوجه ما صح الحكم عليه في الجملة فيكذب الحكم بعدم صحة الحكم أصلا وإن كان مجهولا مطلقا والحكم بعدم صحة الحكم حكم فتناقض لأن بعض المجهول المطلق صح الحكم عليه وقد يجاب بأن القضية مشروطة أي لا يصح الحكم عليه ما دام مجهولا مطلقا وهي لا تناقض المطلقة وهو مدفوع بأدنى تغير وهو أن يقيد انتفاء الشرط بالدوام أي ما يكون مجهولا مطلقا دائما لا يصح الحكم عليه دائما أو يعتبر إمكان التصور فيقال لو كان الحكم على الشيء مشروطا بتصوره لكان مشروطا بإمكان تصوره ضرورة فيلزم أن لا يمكن الحكم على ما لا يمكن تصوره أصلا والحكم بعدم الإمكان حكم وبالجملة فالشبهة مما يورد في موارد كثيرة مثل قولنا ضرب فعل ماض ومن حرف جر وليس باسم ومالا يتصور أصلا ليس بكلي إلى غير ذلك فينبغي أن يكون الجواب حاسما للمادة وحاصله أن الموضوع في أمثال هذه القضايا متعدد فالمجهول المطلق من حيث ذاته ممتنع الحكم عليه ومن حيث كونه متصورا محكوم عليه وضرب من حيث ذاته فعل ومن حيث كونه هذا اللفظ اسم وهكذا وقد يقال في بيان بطلان قولنا لا شيء من المجهول مطلقا يصح الحكم عليه أن كل مجهول مطلقا فهو شيء أو لا شيء وممكن أو لا ممكن وبالجملة فأما ب أو ليس ب ضرورة امتناع ارتفاع النقيضين وفيه منع ظاهر وهو أنا لانم صدق شيء من هذه القضايا وإنما يلزم ارتفاع النقيضين لو سلبا عن شيء واحد وههنا كما لا سلب لا إيجاب لأن كلا منهما حكم مشروط بتصور الموضوع فلذا بينه القوم بطريق الترديد على ما ذكرنا قال وبالجملة فلا حجر زيادة تعميم لتصرفات العقل واعتباراته يعني أن له أن يعتبر النقيضين من المفردات كالموجود واللاموجود أو من القضايا مثل هذا موجود وهذا ليس بموجود ويحكم بينهما بالتناقض بمعنى امتناع صدق المفردين على شيء واحد وامتناع صدق النقيضين في نفس الأمر فيكون النقيضان موجودين في العقل وإن كان أحدهما عبارة عما لا وجود له أصلا وله أن يعتبر عدم كل شيء حتى عدم نفسه مع أن تصور العقل عدمه يستدعي ثبوته فيكون هذا جمعا بين وجوده وعدمه لكن أحدهما بحسب الذات والآخر بحسب التصور وله أن يعتبر تقسيم الموجود إلى ثابت في الذهن وغير ثابت فيه فيكون اللاثابت في الذهن قسيما للثابت فيه بحسب الذات وقسما منه باعتبار كونه متصورا وكذا في تقسيمه إلى ممكن التصور واللاممكن التصور فيكون الثاني قسما من ممكن التصور بل من المتصور وله أن يحكم بالتمايز بين الثابت في الذهن واللاثابت فيه وكذا بين ممكن التصور واللاممكن التصور مع أنه يستدعي أن يكون للمتازين هويتان عند العقل ولا هوية للاثابت في العقل واللاممكن التصور فيكون كل منهما لا هوية له عند العقل من حيث الذات وله هوية عنده من حيث التصور وهذا كما أنه يعتبر الهوية واللاهوية ويحكم بينهما بالتمايز فتكون اللاهوية قسيما للهوية بحسب الذات وقسما منها باعتبار ثبوتها في العقل ولا تناقض في شيء من ذلك وهذه أصول يستعان بها على حل كثير من المغالطة ( قال المبحث السادس كل من الوجود والعدم قد يقع محمولا ) كما في قولنا الإنسان موجود والعنقاء معدوم وقد يقع رابطة بين الموضوع والمحمول كما في قولنا الإنسان يوجد كاتبا أو يعدم أو بين غيرهما كما في وجود زيد في الزمان أو المكان وفي الأعيان أو الأذهان والحمل قد يكون إيجابا وهو الحكم بثبوت المحمول للموضوع وقد يكون سلبا وهو الحكم بانتفائه عنه وحقيقتهما إدراك أن النسبة واقعة أو ليست بواقعة وهو حقيقة عرفية فيهما فلذا قلنا ولا بد في حمل الإيجاب من اتحاد الموضوع والمحمول بحسب الذات والهوية ليصح الحكم بأن هذا ذاك للقطع بأن هذا لا يصح فيما بين الموجودين المتمايزين بالهوية ومن تغايرهما بحسب المفهوم ليفيد فائدة يعتد بها وهي أن هذين المتغايرين بحسب المفهوم متحدان بحسب الذات والوجود للقطع بعدم الفائدة في مثل الأرض أرض والسماء سماء فإن قيل إن أريد الاتحاد في الوجود الخارجي فرب موجبة لا وجود لطرفيها في الخارج كقولنا العنقاء معدوم وشريك الباري ممتنع والوجوب ثبوتي والإمكان اعتباري والجنس مقوم للنوع والنوع كلي والفصل علة للجنس إلى غير ذلك فإنها وإن منع إيجاب بعضها فلا كلام في البعض وإن أريد الأعم ليتناول أمثال هذه القضايا لم يستقم لأنه لا يتصور التغاير في المفهوم مع الاتحاد في الوجود الذهني إذ لا معنى للموجود في الذهن إلا الحاصل فيه وهو معنى المفهوم قلنا معنى الاتحاد بالذات والهوية والوجود هو أن يكون ما صدق عليه عنوان الموضوع هو بعينه ما يصدق عليه مفهوم المحمول من غير أن ينفرد كل بوجود بل يكون موجودا واحدا عينيا كما في القضايا المعتبرة في العلوم سيما إذا أخذت بحسب الحقيقة أو الخارج أو ذهنيا كما في القضايا الذهنية على ما قالوا أن معنى قولنا المثلث شكل هو أن الذي يقال له المثلث هو بعينه الذي يقال له الشكل وهذا هو المراد بقولهم المراد بالموضوع الذات وبالمحمول المفهوم للقطع بأنه لو أريد أن ذات الموضوع نفس مفهوم المحمول لم يستقم ولم يتكرر الوسط في الشكل الأول فلم ينتج كما إذا أخذت القضية طبيعية المحمول أو الموضوع كقولنا جزء مفهوم الإنسان ناطق وكل ناطق ضاحك وقولنا بعض النوع إنسان ولا شيء من الإنسان بنوع مع كذب النتيجة لأن المعتبر عندهم في الأحكام من الموجبة المعنى الذي ذكرنا وهذه ليست كذلك وبالجملة فمعنى الإيجاب في الذهنيات أن المعقول الأول الذي يصدق عليه في الذهن عنوان الموضوع هو بعينه الذي يصدق عليه مفهوم المحمول من غير تعدد في ذاته ووجوده العقلي وإنما التعدد في مفهوميهما اللذين كلاهما أو أحدهما من ثواني المعقولات فمعنى قولنا شريك الباري ممتنع أن ما يصدق عليه في الذهن أنه شريك الباري يصدق عليه في الذهن أنه ممتنع الوجود في الخارج وعلى هذا فقس قال ولا يلزم في حملهما على الماهية قد يتوهم أنه كما لا واسطة بين الوجود والعدم لا واسطة بين اعتبارهما فالماهية المحمول عليها الوجود أما مع اعتبار الوجود فيكون الحمل لغوا بمنزلة أن يقال الماهية الموجودة موجودة وأما مع اعتبار العدم فيكون تناقضا بمنزلة أن يقال الماهية المعدومة موجودة وكذا في حمل العدم بل كل وصف كقولنا الجسم أسود فإن الموضوع أما مع اعتبار المحمول فلغو أو مع اعتبار عدمه فتناقض فأزال ذلك الوهم بأن الموضوع وإن كان لايخ عن المحمول أو نقيضه وجودا كان أو عدما أو غيرهما لكن لا يلزم أن يعتبر فيه أحدهما وإنما يجيء تقيده من قبل الحمل فإن حمل عليه الوجود كان موجودا أو العدم فمعدوما أو السواد فأسود أو البياض فأبيض من غير أن يعتبر معه شيء من ذلك وكذا الثبوت الذهني وإن كان لازما من جهة أن الحكم على الشيء يستدعي تصوره وهو ثبوت ذهني لكن لا يلزم اعتباره في الموضوع لأن الحكم إنما هو على الذات من غير اعتبار الأوصاف لازمة كانت أو مفارقة فليس معنى قولنا الماهية موجودة أن الماهية الثابتة في الذهن موجودة حتى لو كان المحمول هو الثبوت الذهني أو نفيه لم يكن لغوا أو تناقضا إلا بالنسبة إلى من يعلم أن المحكوم عليه متصور البتة وأن التصور ثبوت ذهني قال ولا يشترط يعني أن الحكم قد يكون صحيحا أي حقا وصدقا وقد يكون فاسدا أي باطلا وكذبا وإن كان غالب استعمال الصدق والكذب في الأقوال خاصة وليست صحة الحكم بمطابقته لما في الأعيان إذ قد لا يتحقق طرفا الحكم في الخارج كما في الحكم بالأمور الذهنية على الأمور الذهنية أو الخارجية كقولنا الإمكان اعتباري ومقابل للامتناع واجتماع النقيضين ممتنع وكقولنا الإنسان ممكن أو أعمى ولا يكفي المطابقة لما في الأذهان لأنه قد يرتسم فيها الأحكام الغير المطابقة للواقع فيلزم أن يكون قولنا العالم قديم حقا وصدقا لمطابقته لما في أذهان الفلاسفة وهو باطل قطعا بل المعتبر في صحة الحكم مطابقته لما في نفس الأمر وهو المراد بالواقع والخارج أي خارج ذات المدرك والمخبر ومعناه ما يفهم من قولنا هذا الأمر كذا في نفسه أو ليس كذا أي في حد ذاته وبالنظر إليه مع قطع النظر عن إدراك المدرك وإخبار المخبر على أن المراد بالأمر الشأن والشيء وبالنفس الذات فإن قيل كيف يتصور هذا فيما لا ذات له ولا شيئية في الأعيان كالمعدومات سيما الممتنعات فالجواب إجمالا أنا نعلم قطعا أن قولنا باجتماع الضدين مستحيل مطابق لما في نفس الأمر وقولنا أنه ممكن غير مطابق وإن لم يعلم كيفية تلك المطابقة بكنهها ولم يتمكن من تلخيص العبارة فيها وتفصيلا أن المطابقة إضافة يكفيها تحقق المضافين بحسب العقل ولا خفاء في أن العقل عند ملاحظة المعنيين والمقايسة بينهما سواء كانا من الموجودات أو المعدومات تجد بينهما بحسب كل زمان نسبة إيجابية أو سلبية تقتضيها الضرورة أو البرهان فتلك النسبة من حيث أنها نتيجة الضرورة أو البرهان بالنظر إلى نفس ذلك المعقول من غير خصوصية المدرك والمخبر هي المراد بالواقع وما في نفس الأمر وبالخارج أيضا عند من يجعله أعم مما في الأعيان على ما بينا فصحة هذه النسبة تكون بمعنى أنها الواقع وما في نفس الأمر وصحة النسبة المعقولة أو الملفوظة من زيد أو عمرو أو غيرهما بين ذينك المعنيين يكون بمعنى أنها مطابقة لتلك النسبة الواقعة أي على وفقها في الإيجاب والسلب ولما لم تتصور للنسبة المسماة بالواقع وما في نفس الأمر سيما فيما بين المعدومات حصول إلا بحسب التعقل وكان عندهم أن جميع صور الكائنات وأحكام الموجودات والمعدومات مرتسمة في جوهر مجرد أزلي يسمى بالعقل الفعال فسر بعضهم ما في نفس الأمر بما في العقل الفعال ويستدل على وجوده بأن الأحكام مع اشتراكها في الثبوت الذهني منها ما هو مطابق لما في نفس الأمر كالحكم بأن الواحد نصف الاثنين ومنها ما هو غير مطابق كالحكم بنقيض ذلك فللأول متعلق خارج عن الذهن يطابقه ما في الذهن ولأن من الأحكام ما هو أزلي لا يلحقه تغير أصلا ولا خروج من قوة إلى فعل ولا يتعلق بوضع أو زمان أو مكان مع أن المطابقة لما في نفس الأمر في الكل معنى واحد لزم أن يكون ذلك المتعلق الخارجي مرتسما في مجرد أزلي مشتمل على الكل بالفعل وليس هو الواجب لامتناع اشتماله على الكثرة ولا النفس لامتناع اشتمالها على الكل بالفعل فتعين العقل الفعال ثم قال وهو الذي عبر عنه في القرآن المجيد باللوح المحفوظ والكتاب المبين المشتمل على كل رطب ويابس وأنت خبير بأن ما ذكره مع ضعف بعض مقدماته مخالف لصريح قوله تعالى
﴿وعنده مفاتح الغيب﴾
الآية فليته سكت عن التطبيق ثم القول بأن المراد بما في نفس الأمر ما في العقل الفعال باطل قطعا لأن كل أحد من العقلاء يعرف أن قولنا الواحد نصف الاثنين مطابق لما في نفس الأمر مع أنه لم يتصور العقل الفعال أصلا فضلا عن اعتقاد ثبوته وارتسامه بصور الكائنات بل مع أنه ينكر ثبوته ويعتقد انتفاءه على ما هو رأي المتكلمين وكان المراد أن ما في نفس الأمر على وجه يعم الكل ولا يحتمل النقيض أصلا هو ما في العقل الفعال وأن تغايرا بحسب المفهوم وقد يقال لو أريد بما في نفس الأمر ما في العقل الفعال امتنع اعتبار المطابقة لما في نفس الأمر في علم العقل الفعال لعدم الأثنينية وفي العلم السابق عليه ولو بالذات كعلم الواجب لامتناع مطابقة الشيء لما لا تحقق له معه وفي العلم بالجزئيات مثل هذا الخرف وقيام زيد في هذاالوقت لامتناع ارتسامها في العقل ويمكن الجواب عن الأول بأن صحة الحكم الذي في نفس الأمر لا يكون لكونه مطابقا لما في نفس الأمر بل عينه وعن الثاني بعد تسليم امتناع مطابقة الشيء مع ما هو متأخر عنه بالذات بأن اعتبار المطابقة إنما يكون في العلم الذي هو بارتسام الصورة ولا كذلك علم الواجب على أنهم لا يثبتون له أولا ألا تعقل ذاته وهو عين ذاته وعن الثالث بأن ارتسام الجزئي في العقل على الوجه الكل كاف في المطابقة قال الفصل الثاني في الماهية وهي لفظة مشتقة من ما هو ولذا قالوا ماهية الشيء ما به يجاب عن السؤال بما هو كما أن الكمية ما به يجاب عن السؤال بكم هو ولا خفاء في أن المراد بما هو الذي تطلب الحقيقة دون الوصف أو شرح الاسم وتركوا التقييد اعتمادا على أنه المتعارف واحترازا عن ذكر الحقيقة في تفسير الماهية ومنهم من صرح بالقيد فقال الذي يطلب به جميع ما به الشيء هو هو وأنت خبير بأن ذلك بعينه معنى الماهية وأن هذا التفسير لفظي فلا دور وقد يفسر بما به الشيء هو هو ويشبه أن يكون هذا تحديدا إذ لا يتصور لها مفهوم سوى هذا وزعم بعضهم أنه صادق على العلة الفاعلية وليس كذلك لأن الفاعل ما به يكون الشيء موجودا لا ما به يكون الشيء ذلك الشيء فإنا نتصور حقيقة المثلث وإن لم نعلم له وجود أو لا فاعلا وبالجملة فمبنى هذا التفسير على أن نفس الماهية ليست بجعل الجاعل على ما سيجيء بيانه ثم الماهية إذا اعتبرت مع التحقق سميت ذاتا وحقيقة فلا يقال ذات العنقاء وحقيقته بل ماهيته أي ما يتعقل منه وإذا اعتبرت مع التشخص سميت هوية وقد يراد بالهوية التشخص وقد يراد الوجود الخارجي وقد يراد بالذات ما صدقت عليه الماهية من الأفراد قال وتغاير عوارضها أي ماهية الشيء وحقيقته مغاير جميع عوارضها اللازمة والمفارقة كالفردية للثلاثة والزوجية للأربعة وكالمشي للحيوان والضحك للإنسان ضرورة تغاير المعروض والعارض ولهذا يصدق على المتنافيين كالإنسان الضاحك وغير الضاحك فهي في نفسها ليست شيئا من العوارض ولو على طرفي النقيض كالوجود والعدم والحدوث والقدم والوحدة والكثرة وإنما ينضم إليه هذه العوارض موجودا ومعدوما حادثا وقديما واحدا وكثيرا إلى غير ذلك وتتقابل تلك الماهية أي يعرض لها تقابل الأفراد بتقابل الأوصاف فلا يصدق الإنسان الواحد على الإنسان الكثير وبالعكس ولا الجسم المتحرك على الجسم الساكن وعلى هذا القياس فحيث يحمل بعض العوارض على الماهية من حيث هي هي كما يقال الأربعة من حيث هي هي زوج أو ليست بفرد يراد أن ذلك من عوارض الماهية ولوازمها ومقتضياتها من غير نظر إلى الوجود ولو لم يرد ذلك لم يصح إلا حمل الذاتيات فالأربعة من حيث هي هي ليست إلا الأربعة ولهذا قالوا لو سئل بطرفي النقيض فقيل الأربعة من حيث هي هي زوج أو ليست بزوج كان الجواب الصحيح سلب كل شيء بتقديم حرف السلب على الحيثية مثل أن يقال ليست من حيث هي بزوج ولا فرد ولا غير ذلك من العوارض بمعنى أن شيئا منها ليس نفسها ولا داخلا فيها ولا يصح أن يقال هي من حيث هي زوج أو ليست بفرد أو ليست هذا ولا ذاك بتقديم الحيثية لدلالته على أن ذلك الثبوت أو السلب من ذاتياتها والتقدير أنها من العوارض وأما إذا أريد بتقديم الحيثية أن ذلك العارض من مقتضيات الماهية صح في مثل قولنا الأربعة من حيث هي زوج أو ليست بفرد دون قولنا الإنسان من حيث هو ضاحك أو ليس بضاحك فما ذكر في المواقف من أن تقديم الحيثية على السلب معناه اقتضاء السلب وهو باطل ليس على إطلاقه وقال الإمام ولو سئلنا بموجبتين هما في قوة النقيضين كقولنا الإنسان إما واحد أو كثير لم يلزمنا أن نجيب عنه البتة بخلاف ما إذا سئل بطرفي النقيض لأن معنى السؤال بالموجبتين أنه إذا لم يتصف بهذا الموجب اتصف بذاك والاتصاف لا يستلزم الاتحاد بل يستلزم التغاير وهذا ما قال في المواقف لو سئلنا عن المعدولتين فقيل الإنسانية من حيث هي ( ا ) أو لا ( ا ) لم يلزمنا الجواب ولو قلنا قلنا لا هذا ولا ذاك أي ليست من حيث هي ( ا ) ولا لا ( ا ) بتقديم الحيثية لما مر ولا يخفى ما في لفظ المعدولتين من العدول عن الطريق فإن قولنا هذا ( ا ) ليست من المعدولة في شيء وكذا قولنا هذا واحد أي لا كثير وكثير أي لا واحد وبصير أي لا أعمى وأعمى أي لا بصير لم يقل أحد بكونها معدولة وفي قوله تتقابل بتقابلها إشارة إلى جواب سؤال تقديره أن الإنسانية التي في زيد إن كانت هي التي في عمرو لزم أن يكون الشخص الواحد في آن واحد في مكانين وموصوفا بوصفين متضادين وإن كانت غيرها لم تكن الماهية أمرا واحدا مشتركا بين الأفراد وتقرير الجواب أنها عينها بحسب الحقيقة غيرها بحسب الهوية ولا يمتنع كون الواحد لا بالشخص في أمكنة متعددة ومتصفة بصفات متقابلة بل يجب في طبيعة الأعم أن يكون كذلك قال المبحث الثاني الماهية قد تؤخذ بشرط مقارنة العوارض وتسمى المخلوطة والماهية بشرط شيء ولا خفاء في وجودها كزيد وعمرو من أفراد ماهية الإنسان وقد تؤخذ بشرط أن لا يقارنها شيء من العوارض وتسمى المجردة والماهية بشرط لا ولا خفاء في امتناع وجودها في الأعيان لأن الوجود من العوارض وكذا التشخص وفي الأذهان أيضا سواء أطلقت العوارض أو قيدت بالخارجية لأن الكون في الذهن أيضا من العوارض التي لحقت الصورة الذهنية بحسب الخارج لا بمجرد اعتبار العقل وجعله إياه وصفا لها وقيدا فيها وزعم بعضهم أنه يجوز وجودها في الذهن إذا قيدت العوارض بالخارجية زعما منه أن الكون في الذهن من العوارض الذهنية وكأنه أراد بالعوارض الخارجية ما يلحق الأمور الحاصلة في الأعيان وبالذهنية ما يلحق الأمور القائمة بالأذهان وعلى هذا فكون الوجود في الخارج من العوارض الخارجية محل نظر على ما سبق في بحث الوجود فلا يتحقق امتناع وجود المجردة في الخارج أيضا وذكر بعضهم أنها موجودة في الأذهان من غير تقييد للعوارض بالخارجية وبينوه بوجهين أحدهما أن للعقل أن يلاحظ الماهية وحدها من غير ملاحظة شيء معها ورد بأن مثل هذا لا يكون مأخوذا بشرط لا وهو ظاهر وثانيهما أن للعقل أن يعتبر عدم كل شيء حتى عدم نفسه فجاز أن يعتبر الماهية مجردة عن جميع العوارض حتى عن الكون في الذهن وإن كانت هي في نفسها مقرونة بها ورد بأن هذا لا يقتضي كونها مجردة بل غاية الأمر أن العقل قد تصورها كذلك تصورا غير مطابق فإن قيل لا معنى للمأخوذ بشرط لا سوى ما يعتبره العقل كذلك قلنا فح لا يمتنع وجوده في الخارج بأن يكون مقرونا بالعوارض والمشخصات ويعتبره العقل مجردا عن ذلك فصار الحاصل أنه إن أريد بالمجرد مالا يكون في نفسه مقرونا بشيء من العوارض مطلقا أو العوارض الخارجية امتنع وجوده في الخارج والذهن جميعا وإن أريد ما يعتبره العقل كذلك جاز وجوده فيهما فإن قيل فكيف يصح على الأول الحكم بامتناع الوجود في الذهن قلنا هي شبهة المجهول المطلق وقد سبقت قال وما نسب إلى أفلاطون قد نقل عن أفلاطون ما يشعر بوجود الماهية المجردة عن اللواحق وهو أنه يوجد في الخارج لكل نوع فرد مجرد أزلي أبدي قابل للمتقابلات أما التجرد وقبول المتقابلات فليصح كونه جزأ من الأشخاص المتصفة بالأوصاف المتقابلة وأما الأزلية والأبدية فلما سيأتي من أن كل مجرد أزلي وكل أزلي أبدي ولما كان هذا ظاهر البطلان بناء على أن القابل للمتقابلات والجزء من الأشخاص يتصف بالعوارض لا محالة وأنه هو الماهية لا بشرط شيء لا الماهية بشرط لا شيء وأن الوجود من العوارض فالقول بوجود المجردة تناقض اللهم إلا أن تقيد العوارض بغيرالوجود أو بجعل الوجود نفس الماهية قال الفارابي في كتاب الجمع بين رأي أفلاطون وأرسطو أنه إشارة إلى أن للموجودات صورا في علم الله تعالى باقية لا تتبدل ولا تتغير وقال صاحب الإشراق وغيره أنه إشارة إلى ما عليه الحكماء المتألهون من أن لكل نوع من الأفلاك والكواكب والبسائط العنصرية ومركباتها جوهرا مجردا من عالم العقول يدبر أمره حتى أن الذي لنوع النار هو الذي يحفظها وينورها ويجذب الدهن والشمع إليها ويسمونه رب النوع ويعبر عنه في لسان الشرع بملك الجبال وملك البحار ونحو ذلك ومع الاعتراف بكونه جزئيا يقولون أنه كلي ذلك النوع بمعنى أن نسبة فيضه إلى جميع أشخاصه على السواء لا بمعنى أنه مشترك بينها حتى يلزم أن تكون إنسانية مجردة موجودة في الأعيان مشتركة بين جميع الأفراد متحققة في المواد فيكون هناك إنسان محسوس فاسد وآخر معقول مجرد دائم لا يتغير أبدا ثم هذا غير المثل المعلقة التي يسمونها عالم الأشباح المجردة فإنها لا تكون من الجواهر المجردة بل كالواسطة بين المحسوس والمعقول ولا تختص بأنواع الأجسام بل يكون لكل شخص من الجواهر والأعراض على ما سيجيء صرح بذلك صاحب الإشراق فقال والصور المعلقة ليست مثل أفلاطون لأن مثل أفلاطون نورية أي من عالم العقل وهذه مثل معلقة من عالم الأشباح المجردة منها ظلمانية ومنها مستنيرة وذكر أن لكل نوع من الفلكيات والعنصريات التي في عالم المثل أيضا رب نوع من عالم العقول وأن رب النوع إنما يكون للأنواع الجسمانية المستقلة وتدبير الأعراض والأجزاء مفوض إلى رب النوع الذي هو محلها من الأجسام مثلا في عالم العقل جوهر مجرد له هيئات نورية إذا وقع ظله في هذا العالم يكون منه المسك مع رائحته أو السكر مع طعمه أو الإنسان مع اختلاف أعضائه قال وقد تؤخذ لا بشرط شيء لا خفاء في تباين المخلوطة والمجردة وأما المطلقة أعني المأخوذة لا بشرط شيء فأعم منهما لصدقه عليهما ضرورة صدق المطلق على المقيد فإن قيل المشروط بالشيء واللامشروط به متنافيان فكيف يتصادقان قلنا التنافي إنما هو بحسب المفهوم بمعنى أن هذا المفهوم لا يكون ذاك وهو لا ينافي الاجتماع في الصدق كالإنسان المشروط بالنطق والحيوان اللامشروط به وإنما التنافي في الصدق بين المشروط بالشيء والمشروط بعدمه كالمخلوطة والمجردة ثم لا نزاع في أن الماهية لا بشرط شيء موجودة في الخارج إلا أن المشهور أن ذلك مبني على كونها جزأ من المخلوطة الموجودة في الخارج وليس بمستقيم لأن الموجود من الإنسان مثلا إنما هو زيد وعمرو وغيرهما من الأفراد وليس في الخارج إنسان مطلق وآخر مركب منه ومن الخصوصية هو الشخص وإلا لما صدق المطلق عليه ضرورة امتناع صدق الجزء الخارجي المغاير بحسب الوجود للكل وإنما التغاير والتمايز بين المطلق والمقيد في الذهن دون الخارج فلذا قلنا أن المطلق موجود في الخارج لكونه نفس المقيد ومحمولا عليه فإن قيل المأخوذ لا بشرط شيء يمتنع أن يوجد في الخارج لأنه كلي طبيعي ولا شيء من الكلي بموجود في الخارج لأن الموجود في الخارج يستلزم التشخص المنافي للكلية وتنافي اللوازم دليل على تنافي الملزومات قلنا لا نسلم أن مجرد المأخوذ لا بشرط شيء كلي طبيعي بل مع اعتبار كونه معروضا للكلية والمأخوذ لا بشرط شيء أعم من أن يعتبر مع هذا العارض أو لا يعتبر فلا يمتنع وجوده فإن قيل فينبغي أن لا يكون الكلي الطبيعي موجودا في الخارج لأن كلية العارضية تنافي الوجود الخارجي المستلزم للتشخص وقد اشتهر فيما بينهم أن الكلي الطبيعي موجود في الخارج قلنا معناه أن معروض الكلي الطبيعي وهو المأخوذ لا بشرط شيء موجود في الخارج ووجوده الخارجي إنما يتحقق عند عروض التشخص فيصير الحاصل أن ما صدق عليه الكلي الطبيعي وهو المخلوط موجود في الخارج وأما المأخوذ مع عارض الكلية فلا يوجد في الخارج كالمجموع المركب من المعروض والعارض المسمى بالكلي العقلي قال وذكر ابن سينا ما ذكرنا من معنى الماهية بشرط شيء وبشرط لا شيء ولا بالشرط هو المشهور فيما بين المتأخرين وذكر ابن سينا أن الماهية قد تؤخذ بشرط لا شيء بأن يتصور معناه بشرط أن يكون ذلك المعنى وحده ويكون كل ما يقارنه زائدا عليه ولا يكون المعنى الأول مقولا على ذلك المجموع حال المقارنة بل جزأ منه مادة له متقدما عليه في الوجود الذهني والخارجي ضرورة امتناع تحقق الكل بدون الجزء ويمتنع حمله على المجموع لانتفاء شرط الحمل وهو الاتحاد في الوجود وقد يؤخذ لا بشرط أن يكون ذلك المعنى وحده بل مع تجويز أن يقارنه غيره وأن لا يقارنه ويكون المعنى الأول مقولا على المجموع حال المقارنة والمأخوذ على هذا الوجه قد يكون غير متحصل بنفسه بل يكون مبهما محتملا للمقولية على أشياء مختلفة الحقائق وإنما يتحصل بما ينضاف إليه فيتخصص به ويصير هو بعينه أحد تلك الأشياء فيكون جنسا والمنضاف الذي قومه وجعله أحد الأشياء المختلفة الحقايق فصلا وقد يكون متحصلا بنفسه كما في الأنواع البسيطة أو بما انضاف إليه فجعله أحد الأشياء كما في الأنواع الداخلة تحت الجنس وهو نوع مثلا الحيوان إذا أخذ بشرط أن لا يكون معه شيء وإن اقترن به ناطق صار المجموع مركبا من الحيوان والناطق ولا يقال إنه حيوان كان مادة وإذا أخذ بشرط أن يكون معه الناطق متخصصا ومتحصلا به كان نوعا وإذا أخذ لا بشرط أن يكون معه شيء من حيث يحتمل أن يكون إنسانا أو فرسا وإن تخصص بالناطق يحصل إنسانا ويقال له أنه حيوان كان جنسا فالحيوان الأول جزء الإنسان متقدم عليه في الوجودين والثاني نفس الإنسان والثالث جنس له محمول عليه فلا يكون جزأ له لأن الجزء لا يحمل على الكل بالمواطاة لما مر وإنما يقال للجنس والفصل أنه جزء من النوع لأن كلا منهما يقع جزأ من حده ضرورة أنه لا بد للعقل من ملاحظتهما في تحصيل صورة مطابقة للنوع الداخل تحت الجنس فبهذا الاعتبار يكون متقدما على النوع في العقل بالطبع وأما بحسب الخارج فيكون متأخرا لأنه مالم يوجد الإنسان مثلا في الخارج لم يعقل له شيء يعمه وغيره وشيء يخصه ويحصله ويصيره هو هو بعينه هذا ما ذكره أبو علي في الشفاء ولخصه المحقق في شرح الإشارات وفيه مواضع بحث
( 1 ) أن المفهوم من المأخوذ بشرط أن يكون وحده هو أن لا يقارنه شيء اصلا زائدا كان أو غير زائد وحينئذ يكون القول بكونه جزأ أو منضما إلى ما هو زائد عليه تناقضا إلا أن المراد هو أن لا يدخل فيه غيره على ما صرح به أبو علي في بيانه حيث قال أخذنا الجسم جوهر إذا طول وعرض وعمق من جهة ماله هذا بشرط أنه ليس داخلا فيه معنى غير هذا بل يحيث لو انضم إليه معنى آخر من حس أو اغتذاء كان خارجا عنه
( 2 ) أنه جعل غير المبهم من أقسام المأخوذ بلا شرط شيء وصرح آخرا بأنه مأخوذ بشرط شيء ومبناه على ما مر من كون الأول أعم من الثاني
( 3 ) أن النوع هو مجموع الجنس والفصل فجعل عبارة عن المتحصل بما انضاف إليه والمأخوذ بشرط شيء تسامح مبني على أن الجنس والفصل والنوع واحد بالذات وحقيقة الكلام أن المأخوذ لا بشرط شيء إذا اعتبر بحسب التغاير بينه وبين ما يقارنه من جهة والاتحاد من جهة كان ذاتيا محمولا وإذا اعتبر بحسب محض الاتحاد كان نوعا وهو المراد بالمأخوذ بشرط شيء
( 4 ) أنه كما أن الجنس يحتمل أن يكون أحد الأنواع فكذلك النوع يحتمل أن يكون أحد الأصناف أو الأشخاص فكيف جعل الأول مبهما غير متحصل والثاني متحصلا غير مبهم والجواب أن العبرة عندهم بالماهيات والحقايق فالمراد الإبهام وعدمه بالقياس إليها
Page 101