241

Sharh Maqasid

شرح المقاصد في علم الكلام

Publisher

دار المعارف النعمانية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1401هـ - 1981م

Publisher Location

باكستان

وثانيهما أنه لو كان أزليا لزم أزلية المكونات ضرورة امتناع التأثير بالفعل بدون الأثر فإن قيل المراد بالتكوين صفة أزلية بها تتكون الأشياء لأوقاتها وتخرج من العدم إلى الوجود فيما لا يزال وليست نفس القدرة لأن مقتضى القدرة ومتعلقها إنما هو صحة المقدور وكونه ممكن الوجود ومقتضى التكوين ومتعلقه وجود المكون في وقته على أنه لو أريد بالتكوين نفس الإحداث والإخراج من العدم فأزليته لا تستلزم أزلية المخلوق لأنه لما كان دائما مستمرا إلى زمان وجود المخلوق وترتبه عليه لم يكن هذا من انفكاك الأثر عن المؤثر وتخلف المعلول عن العلة في شيء ولم يكن كالضرب بلا مضروب والكسر بلا مكسور وإنما يلزم ذلك في التكوين الذي يكون من الأعراض التي لا بقاء لها قلنا وما الدليل على أن تلك الصفة غير القدرة المتعلقة بأحد طرفي الفعل والترك المقترنة بإرادته كيف وقد فسروا القدرة بأنها صفة تؤثر على وفق الإرادة أي إنما تؤثر في الفعل ويجب صدور الأثر عنه عند انضمام الإرادة وإما بالنظر إلى نفسها وعدم اقترانها بالإرادة المرجحة لأحد طرفي الفعل والترك فلا تكون إلا جائز التأثير فلهذا لا يلزم وجود جميع المقدورات ولما ذكرنا من أن القدرة جائزة التأثير وإنما يجب بالإرادة قال الإمام الرازي أن الصفة التي يسمونها التكوين يكون تأثيرها أي بالنظر إلى نفسها إما على سبيل الجواز فلا تتميز عن القدرة أو على سبيل الوجوب فلا يكون الواجب مختارا بل موجبا ولا يرد عليه اعتراض صاحب التلخيص بأن الوجوب اللاحق لا ينافي الاختيار لأن معناه أنه تعالى إذا أراد خلق شيء من مقدوراته كان حصول ذلك الشيء منه واجبا لأن هذا هو القسم الأول أعني ما يكون تأثيره بالنظر إلى نفسه على سبيل الجواز قال وما نقل قد اشتهر عن الأشعري أن التأثير نفس الأثر والتكوين نفس المكون وهذا بظاهره فاسد وفساده غني عن التنبيه فضلا عن الدليل والذي يشعر به كلام بعض الأصحاب أن معناه أن لفظ الخلق شائع في المخلوقات بحيث لايفهم منه عند الإطلاق غيره سواء جعلناه حقيقة فيه أو مجازا مشتهرا من الخلق بمعنى المصدر وهذا لا يليق بالمباحث العلمية ويمكن أن يكون معناه أن الشيء إذا أثر في شيء وأوجده بعدما لم يكن مؤثرا فالذي حصل في الخارج هو الأثر لا غير وأما حقيقة الأحداث والإيجاد فاعتبار عقلي لا تحقق له في الأعيان وقد سبق ذلك في الأمور العامة قال ومنها القدم أثبته ابن سعيد صفة بها يكون الباري تعالى قديما وأثبت الرحمة والكرم والرضا صفات وراء الإرادة وليس له على ذلك دليل يعول عليه وأثبت القاضي إدراك الشم والذوق واللمس صفات وراء العلم ( قال ومنها ما ورد به ظاهرالشرع وامتنع حملها على معانيها الحقيقية ) مثل الاستواء في قوله تعالى

﴿الرحمن على العرش استوى

واليد في قوله تعالى

﴿يد الله فوق أيديهم

و

﴿ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي

والوجه في قوله تعالى

﴿ويبقى وجه ربك

والعين في قوله تعالى

﴿ولتصنع على عيني

و

﴿تجري بأعيننا

فعن الشيخ أن كلا منها صفة زائدة وعن الجمهور وهو أحد قولي الشيخ أنها مجازات فالاستواء مجاز عن الاستيلاء أو تمثيل وتصوير بعظمة الله تعالى واليد مجاز عن القدرة والوجه عن الوجود والعين عن البصر فإن قيل بجملة المكونات مخلوقة بقدرة الله تعالى فما وجه تخصيص خلق آدم صلى الله عليه وسلم سيما بلفظ المثنى وما وجه الجمع في قوله بأعيننا أجيب بأنه أريد كمال القدرة وتخصيص آدم تشريف له وتكريم ومعنى تجري بأعيننا أنها تجري بالمكان المحوط بالكلاءة والحفظ والرعاية يقال فلان بمرىء من الملك ومسمع إذا كان بحيث تحوطه عنايته وتكتنفه رعايته وقيل المراد الأعين التي انفجرت من الأرض وهو بعيد وفي كلام المحققين من علماء البيان أن قولنا الاستواء مجاز عن الاستيلاء واليد واليمين عن القدرة والعين عن البصر ونحو ذلك إنما هو لنفي وهم التشبيه والتجسيم بسرعة وإلا فهي تمثيلات وتصويرات للمعاني العقلية بإبرازها في الصور الحسية وقد بينا ذلك في شرح التلخيص

Page 110