Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Publisher
دار المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1401هـ - 1981م
Publisher Location
باكستان
Genres
الثاني أن كل واحد منا يعلم قطعا أن المشار إليه بأنا وهو النفس متصف بأنه حاضر هناك وقائم وقاعد وماش وواقف ونحو ذلك من خواص الأجسام والمتصف بخاصة الجسم جسم وقريب من ذلك ما يقال أن للبدن إدراكات هي بعينها إدراكات المشار إليه بأنا أعني النفس مثل إدراك حرارة النار وبرودة الجمد وحلاوة العسل وغير ذلك من المحسوسات فلو كانت النفس مجردة أو مغايرة للبدن امتنع أن تكون صفتها عين صفته والجواب أن المشار إليه بأنا وإن كان هو النفس على الحقيقة لكن كثيرا ما يشار به إلى البدن أيضا لشدة ما بينهما من التعلق فحيث توصف بخواص الأجسام كالقيام والقعود وكإدراك المحسوسات عند من يجعل المدرك نفس الأعضاء والقوى لا النفس بواسطتها فالمراد به البدن وليس معنى هذا الكلام أنها لشدة تعلقها بالبدن واستغراقها في أحواله الغفل فيحكم عليها بما هو من خواص الأجسام على ما فهمه صاحب الصحائف ليلزم كونها في غاية الغفلة
الثالث أنها لو كانت مجردة لكانت نسبتها إلى جميع الأبدان على السواء فلم تتعلق ببدن دون آخر وعلى تقدير التعلق جاز أن تنتقل من بدن إلى بدن آخر وحينئذ لم يصلح القطع بأن زيدا الآن هو الذي كان بالأمس ورد بأنا لا نسلم أن نسبتها إلى الكل على السواء بل لكل نفس بدن لا يليق بمزاجه واعتداله إلا تلك النفس الفائضة بحسب استعداده الحاصل باعتداله الخاص
الرابع النصوص الظاهرة من الكتاب والسنة تدل على أنها تبقى بعد خراب البدن وتتصف بما هو من خواص الأجسام كالدخول في النار وعرضها عليها وكالترفرف حول الجنازة وككونها في قناديل من نور أو في جوف طيور خضر وامثال ذلك ولا خفاء في احتمال التأويل وكونها على طريق التمثيل ولهذا تمسك بها القائلون بتجرد النفوس زعما منهم أن مجرد مغايرتها للبدن يفيد ذلك وقد يستدل بأنها لا دليل على تجردها فيجب أن لا تكون مجردة لأن الشيء إنما يثبت بدليله وهو مع ابتنائه على القاعدة الواهية بعارض بأنه لا دليل على كونها جسما أو جسمانيا فيجب أن لا تكون كذلك قال احتجوا أي القائلون بتجرد النفس بوجوه
Page 31