Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Publisher
دار المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1401هـ - 1981م
Publisher Location
باكستان
Genres
الثاني أنه لو لم يثبت الجزء الذي لا يتجزأ لما كان الجبل أعظم من الخردلة لأن كلا منهما حينئذ يكون قابلا لانقسامات غير متناهية فتكون أجزاء كل منهما غير متناهية من غير تفاضل وهو معنى التساوي فإن قيل غايته لزوم الاستواء في عدد الأجزاء بأن يكون أجزاء كل منهما غير متناهية العدد وهو غير محال والمحال استواء مقداريهما وهو غير لازم أجيب بأن الاستواء في الأجزاء يستلزم الاستواء في المقدار ضرورة أن تفاوت المقادير إنما هو بتفاوت الأجزاء بمعنى أن ما يكون مقداره أعظم تكون أجزاؤه أكثر فما لا تكون أجزاؤه أكثر لا يكون مقداره أعظم وقد تقرر هذا الوجه بحيث لا يبتنى على استلزام قبول الانقسام حصول الأقسام وهو أنه لو كان كل من السماء والخردلة قابلا للانقسام من غير انتهاء إلى ما لا يقبل الانقسام أصلا كانت الأجزاء الممكنة حينئذ في كل منهما متساوية للتي في الآخر وأمكن أن يفصل من الخردلة صفائح تغمر وجهي السماء بل أجزاء تغمر الوجهين وتملأ ما بين السطحين وبطلانه ضروري وجوابه بعد تسليم البطلان ما سبق أن ليس معنى قبول الانقسامات الغير المتناهية إمكان خروجها من القوة إلى الفعل فمن أين يلزم إمكان حصول أقسام لا نهاية لها وإمكان انفصالها الثالث أنه لو لم ينته انقسام الجسم إلى ما لا يكون له امتداد وقبول انقسام لزم أن يكون امتداد كل جسم حتى الخردلة غير متناه القدر لتألفه من امتدادات غير متناهية العدد ومنها ما يبتنى على كون الحركة عبارة عن حصولات متعاقبة من غير استقرار والزمان عبارة عن آيات متتالية وهو وجه واحد تقريره أن وجود الحركة في المسافة معلوم بالضرورة مع القطع بأن الماضي منها ليس بموجود الآن بل حين كان حاضرا والمستقبل إنما يصير موجودا حين يصير حاضرا فالموجود منها هو الحاضر لا غير وهو لا يقبل الانقسام وإلا لكان شيء منه قبل أو بعد لكونه غير قار الذات فلا يكون بتمامه حاضرا هف أو نقول لو انقسم الحاضر لكان في الحركة اجتماع أجزاء فيكون قار الذات هف وإذا ثبت في الحركة جزء غير منقسم وهي منطبقة على المسافة بمعنى أن كل جزء منها على جزء منها ثبت في المسافة جزء غير منقسم لامتناع انطباق غير المنقسم على المنقسم وهو المطلوب ثم إذا حاولنا إثبات ما هو المقصود قلنا الحاضر يحصل عقيب انقضائه جزء آخر حاضر غير منقسم يكون هو الموجود من الحركة وهكذا إلى أن ينتهي فإذن الحركة مركبة من أجزاء لا تتجزأ أو قلنا كل جزء من الحركة حاضر حينا ما وكل ما هو حاضر حينا ما هو غير منقسم بالضرورة فكل جزء منها غير منقسم وهو معنى تركبها من أجزاء لا تتجزأ فكذا المسافة لانطباقها عليها وقد يستعان في ذلك بالزما لأن عدم الاستقرار فيه أظهر حتى كأنه نفس ماهيته ولا يتوهم فيه ما يتوهم في الحركة من تحلل سكون أو لزوم وقوع أي جزء منها في زمان قابل للانقسام فيقال الموجود منه هو الحاضر الذي لا يقبل الانقسام ولو بالفرض لأن معناه صحة فرض شيء غير شيء وهذا ينافي عدم الاستقرار الذاتي ثم أنه منطبق على الحركة المنطبقة على المسافة فيكونان كذلك والحكماء لا يثبتون الحاضر من الزمان ويجعلون الموجود من الحركة هو التوسط بين المبدأ والمنتهى ويجعلون حالهما في قبول الانقسام كحال الأجسام ومنها ما يبتنى على أن محل النقطة جوهر لا يقبل الانقسام وهو وجوه
الأول أن النقطة موجودة لأنها طرف الخط الموجود وطرف الموجود موجود بالضرورة ولأنها شيء به يتماس الخطوط وتماسها بالعدم الصرف محال ولأنها ذات وضع أي يشار إليها إشارة حسية بأنها هنالك وهذا في المعدوم محال ثم أنها إما أن تكون جوهرا كما هو رأي المتكلمين أو عرضا وحينئذ يفتقر إلى جوهر يحل فيه بالذات إن لم نجوز قيام العرض بالعرض أو بالواسطة إن جوزناه وذلك الجوهر يمتنع أن يكون منقسما وإلا لزم انقسام النقطة ضرورة انقسام الحال بانقسام المحل هف فأيا ما كان يثبت جوهر لا يقبل الانقسام وهو المطلوب
الثاني أنا إذا وضعنا كرة حقيقية على سطح حقيقي مماسة بجزء لا يقبل الانقسام وإلا لكان في سطح الكرة خط مستقيم أو سطح مستو فلا تكون الكرة كرة حقيقية هف فذلك الجزء إما جوهر وهو المطلوب أو عرض وفيه المطلوب ثم إذا أدرنا تلك الكرة على ذلك السطح ظهر كون سطحها من أجزاء لا تتجزأ وبه يتم المقصود والقول بامتناع الكرة أو السطح أو تماسها مكابرة ومخالفة لقواعدهم
Page 296