279

Sharḥ Lāmiyyat al-afʿāl liʾl-Quṭb Aṭfiyash j. 2, 3

شرح لامية الأفعال للقطب اطفيش ج2 3

Genres

وإنما جعل أهل اللغة الهمزة للمتكلم، لأن المتكلم مقدم على المخاطب بالطبع، لأن الخطاب يكون بالتكلم، وعلى الغائب بالشرف، والهمزة مخرجها مقدم على مخرج الواو التي هي أصل تاء الخطاب مثلا، وعلى مخرج الياء وعلى مخرج النون، لأن الياء من وسط اللسان، والواو من الشفتين، والنون من الخشيوم، والهمزة من أقصى الحلق، مما يلي البطن، وإنما اعتبرنا الابتداء من داخل، لأن النفس الذي يتحقق فيه الخروف يأتى من داخل إلى خارج لا بالعكس.

وأصل تلك الهمزة ألف قلبت الألف همزة لفرضهم الابتداء بالساكن، ومخرج الهمزة قريب من مخرج الألف، وقيل جعلوا الهمزة للمتكلم، لأنها بعد ضمير المتكلم الذي هو أنا، وجعلوا التاء للمخاطب لوجودها في أنت الذي هو ضمير المخاطب، وقيل: لأن المخاطب مؤخر عن المتكلم والغائب، وذلك أن الكلام إنما ينتهى إلىالمخاطب بعد الغائب، وأصل تلك التاء واو، والواو مخرجهاآخر المخارج وهو الشفة، فمخرج الهمزة والياء آخر الشفة التي هي مخرج الواو فمخرج الواو متأخر عن مخرج الياء والهمزة، فحصلت بين الهمزة والتاء مؤاخاة ومناسبة، حيث إن الواو أقصى المخارج ومنتهاها، والهمزة أولها، وينتهى مخرج الهمزة إلى مخرجها والمخاطب إليه ينتهى كلام المتكلم.

قال ابن قاسم: حاصل كون الكلام ينتهى إلى المخاطب بعد الغائب، أن الكلام يصدر من المتكلم معلقا بشأن الغائب، هو يصل إلى المخاطب، لا يقال قد لا يتعلق الكلام بغائب، بل يخاطب المخاطب بما يتعلق بنفسه كافعل كذا لأنا نقول المراد أنه حيث كان الكلام متعلقا بالغائب، كان الغائب مقدما على المخاطب، فهو مقدم بهذا المعنى، فلا يضر أنه قد لا يتعلق به الكلام، فلا تقدم لعدم وجوده.

Page 31