64

Sharḥ Kitāb al-Siyāsa al-Sharʿiyya li-Ibn Taymiyya

شرح كتاب السياسة الشرعية لابن تيمية

Publisher

مدار الوطن للنشر

Edition

الأولى

Publication Year

1427 AH

Publisher Location

الرياض

وإن كانت الحاجة في الولاية إلى الأمانة أشد، قَدَّمَ الأمين، مثل حفظ الأموال ونحوها، فأما استخراجها وحفظها، فلابد فيه من قوة وأمانة، فيولى عليها شاد(١) قويٌّ يستخرجها بقوته، وكاتب أمين يحفظها بخبرته وأمانته. وكذلك في إمارة الحرب، إذا أُمر الأميرُ بمشاورة أُولي العلم والدين جَمَعَ بين المصلحتين، وهكذا في سائر الولايات إذا لم تتم المصلحة برجل واحد، جمع بين عدد، فلابد من ترجيح الأصلح، أو تعدد المولَّى، إذا لم تقع الكفاية بواحد تام(٢).


(١) الظاهر أنه الطالب للشيء.

(٢) كل هذا يدور على قوله تعالى: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ﴾ [القصص: ٢٦]، فإذا وجد مَنْ جَمَعَ بين الوصفين اكتُفي به ولو واحدًا. وإن كان أمينًا وليس قويًّا ضُمَّ إليه قويّ، وإن كان قويًّا وليس أمينًا ضُمَّ إليه أمين؛ حتى تكتمل الأمانة والقوّة. كما قال الشيخ: جَمَعَ بين المصلحتين. ويكون الثاني مساعدًا للأول، يرجع إليه في الأمور، وإذا رأى فيه تقصيراً أمره أن يتمم الأمر.

ولو أن الأمراء الأقوياء اتخذوا أهل المشورة من أُولي العلم، لصلح أمر الولايات. وأولو العلم في كل موضع بحسبه.

ففي الأمور الشرعية يستشار أهل العلم الشرعي، وفي الأمور الحربية يستشار أهل العلم بالحرب، وفي أمور الصناعة يستشار أهل العلم بالصناعة، وفي أمور الزراعة يستشار أهل العلم بالزراعة. وهكذا؛ لأن كل أحد يدرك ما لا يدركه الآخر.

55