135

[فصل رقم 264]

[aphorism]

قال أبقراط: إذا حدث الجشاء الحامض في العلة التي يقال لها زلق الأمعاء بعد تطاولها، ولم يكن كان قبل ذلك، فهو علامة محمودة.

[commentary]

قال عبد اللطيف: زلق الأمعاء هي العلة التي يخرج فيها الطعام والشراب بسرعة وهو على ما ازدرد لم يحصل له تغير أصلا في كيفياته (2)، لا في اللون، ولا في الرائحة، ولا في القوام، ولا في غيرها (3)، لثقله على المعدة وعجزها عن الاحتواء عليه لضعف القوة الماسكة أو لبثور (4) تعرض في سطح المعدة والأمعاء شبيهة بالسلاق العارض في الفم، فإذا مر الطعام والشراب بتلك السلوخ أذاها ولذعها (5) فقذفته عنها بسرعة أسرع ما تقدر عليه قبل أن تبتديء في هضمه، لكن الفرق بينهما أن خروج الطعام في ضعف القوة لا يكون معه ألم، وأما (6) مع البثور والسلوخ فيكون معه حس الألم. وأيضا التشنج (7) العارض عن الخلط الحاد إن كان في آخر الأمر وقد انقضى، برأت (8) العلة في أسرع الأوقات بالأطعمة والأشربة القابضة، فإن بقيت العلة مدة أطول انتقلت إلى اختلاف (9) الدم. وأما الصنف الآخر الكائن من ضعف القوة الماسكة بسبب مزاج رديء فقد يكون حالا ثابتة للأعضاء يعسر برؤها، وقد يكون من خلط تحويه المعدة والأمعاء، وقد يكون ذلك الخلط بلغما حامضا، وقد يكون غيره من الأخلاط. وقد يكون (10) الجشاء (11) الحامض في جميع أوقات هذه العلة، لملازمة (12) البلغم الحامض للمعدة وليس ذلك بمحمود، وقد يكون أولا ثم يزول، فإن وجد بعد أن لم يكن، حمد (13)، لأن الجشاء الحامض يدل على لبث ما للطعام في المعدة حتى حصل له تغير يسير إلى الحموضة. فإن وجد هذا الجشاء PageVW2P107B في الابتداء لم يكن محمودا لأنه يخاف تفاقم العلة، فإن كان معدوما ثم وجد دل على أن القوة أخذت تستمسك وتتراجع؛ فلذلك شرط في الجشاء الحامض أن يكون محمودا PageVW1P077B PageVW0P090A شرطين: PageVW3P101B أن يكون بعد تطاول العلة، لأنه في أول العلة معرض (14) للنقصان. وأن يكون بعد ما لم يكن، لأنه إن كان دائما فليس (15) مما يحمد. فإن كانت العلة متطاولة ولم يكن معها الجشاء الحامض دل على عدم الهضم أصلا وأن القوة قد تناهت في ترك (16) الإنضاج، فإذا عرض الجشاء الحامض أذن بالتراجع ويسير الهضم، ورجي البرء.

[فصل رقم 265]

[aphorism]

قال أبقراط: من كان في منخريه بالطبع رطوبة أزيد، وكان منية أرق، فإن صحته أقرب إلى السقم؛ ومن كان الأمر فيه على ضد ذلك فإنه أصح بدنا.

[commentary]

قال عبد اللطيف: يقول من كان مزاجه رطبا فبدنه كثير الفضول والامتلاء، قليل التحلل، سريع الانفعال، وهذا حكم كل رطب. واستدل على رطوبة المزاج بجريان (17) فضول دماغه من منخريه جريانا محسا كثيرا وبرقه منيه. مثل هذا البدن فكثير الأمراض قريب الوقوع فيها (18) معرض للنزلات (19) من أدنى سبب، قليل الجلد والصبر على المشاق (20)، وإذا اتفق أن انصبت النزلات إلى فضاء صدره ورئته تولدت عنه الأمراض المشهورة لذلك، وإن انصبت إلى معدته حدث به اختلاف (21) دم وسجح، ولاسيما إن كانت النزلة مالحة. فأما من كان على ضد ذلك، أي كان مزاجه أقرب إلى اليبس فإنه يكون جلدا صبورا وقليل الفضلات، لأن يبس مزاجه يجفف فضوله ويحللها التحليل الخفي ويكون منية أغلظ، ولا يجري من منخريه شيء يحس (22) إلا قليلا، فتولد الأمراض في هذا المزاج قليل، فلذلك يكون حاله أصلح. وقوله: "من كان في منخريه بالطبع رطوبة أزيد" يحتمل أن يكون ذلك مزاجا PageVW2P108A لسائر أعضائه، ويحتمل أن يكون لدماغه خاصة.

Unknown page