40

============================================================

الموقف الأول المرصد الأول : فيما يجب تقديمه في كل علم تبصر قدامها فهي تخبط بيديها كل شيء، ويقال: فلان ركب العشواء إذا خبط أمره على غير بصيرة (والكلام علم) بامور (يقتدر معه) أي يحصل مع ذلك العلم حصولا دائميا عاديا قدرة تامة على (إثبات العقائد الدينية) على الغير وإلزامه إياها (بإيراد الحجج) عليها (ودفع الشبه) عنها فالأول إشارة إلى المقتضي، والثاني إلى انتفاء المانع، وهاهنا أبحاث، الأول أنه أراد بالعلم معناه الأعم، أو التصديق مطلقا ليتناول إدراك المخطى في العقائد، ودلائلها على ما صرح به، الثاني أنه نبه بصيغة الاقتدار على القدرة التامة، وبإطلاق المعية على المصاحبة الدائمة، فينطبق التعريف على العلم بجميع العقائد مع ما يتوقف عليه إثباتها من الأدلة، ورد الشبه لأن تلك القدرة على ذلك الإثبات، إنما تصاحب دائما هذا العلم دون العلم بالقوانين التي يستفاد منها يخبط ما لم يشرع في العلم، ثم قول الشارح: وهي الناقة التي إلخ إشارة إلى توجيهين مبنى الأول أن خبط عشواء مصدر للتشبيه، والإضاقة للاختصاص فيكون تشبيها لدخبط المعقول بالخبط المحسوس، ومعنى الثاني: أنه مصدر للنوع والإضافة لأدنى ملابسة أي يخبط خبطا، يراد في قولهم فلان ركب العشواء وهر خبط أمر على غير بصيرة، فافهم فإنه مما زلت فيه الاقدام قوله: (فقط) اى دون المواد المخصوصة بالعقائد، وإنما خص استفادة الصور مع أن قوله: (والكلام علم يقتدر معه) فإن قلت : المشهور أن علم الله تعالى وعلم الرسول وعلم الملائكة بالاعتقاديات لا يسمى علم الكلام، كما أن علمه تعالى بالعمليات، وكذلك علم الرسول وعلم السلائكة بها لا يسمى فقها، وليس في هذا التعريف ما يخرجها بخلاف التعريف المذكور في المقاصد، وهو العلم بالعقائد الدينية عن الأدلة اليقينية وادعاء إطلاق علم الكلام عليها بعيد من المتعارف، قلت: يمكن ان يخرج علم الرسول عليه السلام وعلم الملائكة بكلمة يقتدر بناء على ان صيغة الافتعال تدل على الاعتمال المشعر بالكسب، وعلمه عليه السلام بالكشف المسمى بالوحي، وكذا علم الملائكة واما علم الله تعالى فيخرج بها أيضا بذلك الاعتبار، وباعتبار دلالة لفف الفعل على الحدوث، وأما علم الله تعالى ويعلم الله فمن قبيل المجاز كما صرح به الشارح في حواشيه على المطول قوله: (أراد بالعلم معاه الأعم أو التصديق مطلقا) كانه حمل العلم على المعنى المجازي بقرينة المقام، وإلا فسيصرح في تزييف تفسير العلم بالمعنى الأعم، أن إطلاق العلم على الجهل المركب يخالف استعمال الدنة، والعرف والشرع ولا يمكن حمل العلم هاهنا على ما سيأتي من الصفة الموجبة للمتميز الغير المحتمل للنقيض، لأن المراد هناك عدم الاحتمال بوجه من الوجوه لا اعم مما في نفس الأمر، وعند من قامت به فيخرج إدراك المخطي قطعا فليتأمل.

قوله: (دون العلم بالق انين التى يستفاد منها صور الدلائل فقط) أراد به المنطق فإنه لا يحصل به القدرة التامة على إثبات العقائد الدينية، لأن ذلك الإثبات إنما يحصل بحجة لها صورة

Page 40