39

============================================================

الموقف الأول - المرصد الأول: فيما يجب تقديمه في كل علم والأحق في طرق التعليم (وفيه مقاصد) ستة ايضا (الأول تعريفه) أي تعريف العلم الذي يطلب تحصيله، وإنما وجب تقديم تعريفه (ليكون طالبه على بصيرة) في طلبه فانه إذا تصوره بتعريفه سواء كان حدا لمفهوم اسمه، أو رسما له فقد أحاط بجميعه إحاطة إجمالية باعتبار آمر شامل له يضبطه، ويميزه عما عداه بخلاف ما إذا تصوره بغيره فإنه وإن فرض آنه يكفيه في طلبه لكنه لا يفيده بصيرة فيه (فران من ركب متن عمياء) وهي العماية بمعنى الباطل (أوشك أن يخبط خبط عشواء) وهي الناقة التي لا قوله: (بمعتى الباطل) وهو هاهنا التصور بغير التعريف من الوجه الأعم، أو الأخص شبه بالمركوبة في كون كل منهما سببأ لسلوك طريق الرسول إلى المطلوب، واثيت المتن والركرب ففي الكلام استعارة بالكناية، وتخييل وترشيح وإنما قال: أوشك لأنه بمجرد التصور المذكور لا الشروع مشتملا على فوائد الأمور الستة، فلا شك أن الشروع بمثل هذه البصيرة موقوف عقلا على الاشياء الستة، فيكون وجوب تقديمها أيضأ عقليا والجواب ان توقف الشررع بالبصيرة المخصوصة عقلا على الأمور المذكورة، إنما يوجب تقديمها على الإطلاق أعني ابتداء من غير تقييد بشيء، إذا كان الشروع بتلك البصيرة واجبا عقليا على الشارع في العلم، من حيث هو طالب وهذا ظاهر على أنه يمكن أن يقال: المراد مطلق الشررع بالبصيرة، والمراد بتوقفه على الأمور المذكورة توقفه على نوعها، كما حققتناه في حواشي المطول: قوله: (صواء كان حد المفهوم اسمه أو رمما له) قال رحمه الله تعالى: لا يخفى عليك أن اسم كل علم موضوع بازاء مفهوم إجمالي شامل له، فإن فصل في تعريفه ذلك المفهوم نفسه كان حدا له بحسب اسمه وإن بين لازمه كان رسا له بحسب اسمه، وعلى التقديرين هو: رسم لذلك العلم مميز له عن غيره، وأما حده الحقيقي فإنما هو بتصور مسائله بل بتصور التصديقات المتعلقة بها، وليس ذلك من مقدمات الشررع قوله: (بخلاف ما إذا تصوره بفيره فانه وإن فرض أنه يكفيه في طلبه لكنه لا يفيده بصيرة فيه) أراد بغيره غير التعريف، وغير التعريف يحتمل أن يكون وجها أعم، وكونه كافيا في طلب العلم الخاص من حيث خصوصه محل تردد، فلهذا اورد قوله: وإن فرض إلخ لان الكلام في الغير المطلق الشامل للأعم، وقوله: لكنه لا يفيد بصيرة كاملة يحصل بالتعريف، ثم الكلام في التصورات التي يمكن تقديمها على الشروع كما هو الظاهر من السياق، فلا يرد ان التصور الحدي للعلم باعتبار الحقيقة غير ما ذكر، مع أنه على تقدير فرض كفايته في الطلب، ليس مما لا يفيد البصيرة، وذلك لأنه لا يحصل إلا بعد تمام تحصيل العلم المشروع فيه.

قوله: (فان من ركب إلخ) هذا في موقع التمليل لايجاب تصور العلم بتعريفه ليحصل البصيرة، ثم إن انتفاء هذا التصور المخصوص قد يكون بانتفاء أصل التصور، ولظهور عدم إمكان الشررع بدونه لم يتعرض له، وقد يكون يتصور لا يفيد البصيرة المذ كورة، كالتصور بوجه أعم، وهو الذي أشار إليه بقوله: فإن من ركب إلخ:

Page 39