187

============================================================

المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية (كل موجود إما مقارن للعالم أو مباين له) فإن البديهة تشهد بأن ما لا يختص بجهة، ولا يكون ملاقيا للعالم ولا مباينا له، فليس بموجود (وأنكره الموحدون عن آخرهم) اي اتفقوا على إنكار هذا الحكم وتكذيبه فضلا عن أن يكون العلم به بديهيا، وقالوا: إنه حكم وهمي (السادسة للمتكلمين) القاتلين بالخلاء قالوا: (يجب) بالبديهة (انتهاء الأجسام) أي انتهاء كل واحد منها (إلى ملا أو خلاء وينكره الحكماء) النافون للخلاء ويقولون: هذا من الأحكام الوهمية الكاذبة (السابعة للحكماء) القائلين بقدم الزمان قالوا: (لا يعقل تقدم عدم الزمان عليه إلا بزمان) فلو كان حادثا مسبوقا بعدمه لكان موجودا، حال ما كان معدوما (والقائلون بالحدوث) عدم تفطنه السغايرة الثاني للاول، للتماثل بينهما وكون وجه الامتياز خفيا.

قوله: (إما مقارن للعالم أو مباين له) لأنه إنما يمكن تخلل ثالث بينهما أولا.

قوله: (القائلين بالخلاء) خارج العالم أى بالبعد الموهوم التي يمكن أن يشغله الجسم، كالبعد المفروض بين الجسين والحكماء ينكرونه ويقولون: إنه نفي صرف وعدم محض يشبته الوهم، ويقدره من عند نفسه خلاف ما في نفس الأمر.

قوله: (أى انتهاء كل واحد) يعني أن الجمع المعرف باللام للكل الإفرادي كما هو الشائع في الاستعمال لا للكل المجموعي ليصح الحكم بالترديد.

قوله: (إلا بزمان) لانها قبلية لا يجامع فيها القبل البعد، وكل قبلية كذلك فهي بالزمان .

الأعراض هو القول بتجددها بتجدد الأمثال، واما القول بتجددها بطريق إعادة المعدوم، ففيه بحث، وهر أن الوجود إن استمر في كل آن لا يكون من قبيل إعادة المعدوم، إذ لا عدم فلا إعادة وإلا فإن وجد في آن ثم عدم في آن ثان، ثم وجد في آن ثالث، وهكذا تساوي آنات الوجود آنات العدم فلم يحس بالوجود، وإن عدم في آن ووجد في آن آخر، ثم عدم وهكذا يلزم البقاء، ويمكن أن يقال: لما ارتسم في الحس في آن الوجود وبقي صورته في آن عدمه يحس أنه لم يزل: قوله: (أي انتهاء كل واحد) إنما نسر بهذا ليصحح جواز انتهاء إلى ملاع، إذ لو آريد مجموع الأجسام لا يكون لانتهائه إلى ملاء معنى، وهاهنا بحث وهو آنه سيجيء في بحث المكان أن الخلاء الذي يثبته المتكلمون وينكره الحكماء ان يكون الجسمان، بحيث لا يتماسان وليس ينهما ما ياسها فيكون ما بينهما بعدا موهوما ممتدا فى الجهات، صالحا لأن يشفله جسم ثالث، لكنه الآن خال عن الشاغل، وأن الخلاء يعني البعد الموجود يثبته بعض الحكماء، فمنهم من جوز خلوه عن الشاغل، ومنهم من لا يجوزه، واما الخلاء خارج العالم فمتفق عليه، والنزاع في التسية بالبعد فإنه عند الحكماء عدم ونفي يثبته الوهم، وعند المتكلمين بعد فالخلاء الذي أوجب المتكلمون انتهاء الأجسام إليه او إلى الملاء ليس بالمعنى الأول، وهو ظاهر فإن آخر الأجسام وهو السمحدد مثلا ليس منتهيا إلى شيء منهما عندهم، بل بالمعنى الثاني: وهو البعد الموهوم واللاشيء المحض، فلا يصح القول بإنكار الحكماء لا لأن ما وراء المحدد عندهم كذلك، وإرجاع الإنكار إلى إطلاق البعد ليس له كثير معنى هاهنا، ويمكن ان يقال: مدار إنكار

Page 187