Shama'il al-Rasul
شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
Publisher
دار القمة
Edition Number
-
Publisher Location
الإسكندرية
Genres
ولك أخي القارئ أن تتخيل بركة هذا الدعاء في آخرة أنس، وماذا أعد الله له من الثواب العظيم، فإذا كان بركة الدعاء جاءت على هذا الوجه في الدنيا- وهي دار وضيعة عند الله- فمن باب أولى أن يبلغه الدعاء في الآخرة على أكمل ما يكون، ويكفيه أن سيكون له أكثر من مائة وعشرين ابنا، نرجو الله ﷿ أن يكونوا فرطه على الحوض، أرأيتم فضل خادم النبي ﷺ في الدنيا والآخرة.
٧- حفظ أنس ﵁ لسنة النبي ﷺ، وحرصه على نشرها وتفقد أحواله التي تثبت تحقق دعاء النبي ﷺ والذي هو من دلائل نبوته، علمنا ذلك لأنه بعد عدة عقود- وقد بلغ أكثر من مائة عام- يحدث حديث النبي ﷺ، ويقول فيه: (فإني لمن أكثر الأنصار مالا وحدثتني ابنتي أمينة أنه دفن لصلبي مقدم حجاج البصرة بضع وعشرون ومائة) ونستفية أيضا من الحديث كيف بارك الله ﷾ لأنس في صحته، حتى يكون له مثل هذا العدد من الأولاد والأحفاد، وفي عقله حتى يقص علينا من أخبار النبي ﷺ رغم تعديه المائة عام.
ومن تعجّب من حفظ أنس لكل تلك الأحاديث النبوية، وروايته لها كما سمعها لم يبدل منها شيئا حتى بعد تعديه مائة عام، فليقرأ ما (رواه البخاري)، عن الأعرج عن أبي هريرة ﵁ قال: يقولون: إنّ أبا هريرة يكثر الحديث، والله الموعد، ويقولون:
ما للمهاجرين والأنصار لا يحدّثون مثل أحاديثه، وإنّ إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصّفق بالأسواق، وإنّ إخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرأ مسكينا ألزم رسول الله ﷺ على ملء بطني؛ فأحضر حين يغيبون، وأعي حين ينسون، وقال النّبيّ ﷺ يوما: «لن يبسط أحد منكم ثوبه حتّى أقضى مقالتي هذه ثمّ يجمعه إلى صدره فينسى من مقالتي شيئا أبدا» فبسطت نمرة ليس عليّ ثوب غيرها حتّى قضى النّبيّ ﷺ مقالته ثمّ جمعتها إلى صدري، فو الّذي بعثه بالحقّ ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا والله لولا آيتان في كتاب الله ما حدّثتكم شيئا أبدا: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى إلى قوله: الرَّحِيمُ [البقرة: ١٥٩- ١٦٠] «١» .
الفائدة الثالثة:
الأمر بعدم تعريض الطعام للتلف، وذلك بوضعه في الإناء أو المكان الذي يحفظه، وهو فرع من حفظ المال وهذا الأمر للوجوب لقوله ﷺ: «أعيدوا سمنكم
(١) رواه البخاري، كتاب المزارعة، باب: ما جاء في الغرس، برقم (٢٣٥٠) .
1 / 170