Ṣafwat al-ikhtiyār fī uṣūl al-fiqh
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Genres
مسألة:[الكلام في صحة استعمال القياس على كل أصل]
ذهب أكثر الفقهاء والمتكلمين إلى أن القياس يصح على كل أصل سواء ورد النص على القياس عليه بعينه أو لم يرد، وسواء اتفقوا على تعليله أم لم يتفقوا على ذلك.
وحكي عن بشر بن المريسي(1)المنع من القياس على أصل إلا أن تجمع الأمة على تعليله.
وعن قوم أنه يجب أن ينص لنا على وجوب القياس عليه، واختيارنا هو الأول(2).
والذي يدل على صحته وجهان:
أحدهما: أن التعبد بالقياس إذا ورد على الإطلاق وجب استعماله في كل أصل يصح القياس عليه وإلا أدى إلى حصره بغير دلالة وذلك لا يجوز، ولأنه لو كان، لا يخلو: إما أن يجوز استعماله على كل أصل وقد قدمنا ذكره، أو لا يستعمل في شيء، أو يستعمل في شيء دون شيء، ولا يجوز أن لا نستعمله في شيء من الأصول؛ لأنا قد قدمنا الدلالة على وجوب استعماله بما لا سبيل إلى نقضه، ولا يجوز أن نستعمله في بعض دون بعض لفقد المخصص، فلم يبق إلا وجوب استعماله في كل أصل يمكن استعماله فيه إلا ما خصه الدليل.
وأما الوجه الثاني: فإجماع الصحابة على استعمال طريقة القياس على أصول لم يرد عليها نص ولا أجمع على تعليلها، وذلك أنه لما وقع الإختلاف بينهم قاس كل منهم على أصل صح عنده القياس عليه مع أنهم خالفوه في القياس عليه، ولو كان منصوصا عليه لذكر لهم النص ليجب عليهم الرجوع إلى أصله في القياس لمكان النص، فأما لو وقع الإجماع على تعليله لم يفترقوا فيه.
Page 308