فضربت باكارا رجلها في الأرض من الغيظ، وقالت: أيوجد في الحب حقوق؟ إني أحبه، وهذا هو حقي الوحيد. - ولكن إذا كان هو لا يحبك؟ - سيحبني، فإن أصحاب الملايين تنطرح على قدمي، وتتفانى في حبي، أيصعب علي وأنا باكارا أن أحب من رجل فقير.
وكانت سريز قد فرغت من جمع طاقتها، فأخذتها وخرجت بها مع أختها كي توصلها إلى معمل الزهور، فقالت لها باكارا: أتريدين أن أوصلك بمركبتي إلى المعمل.
فامتنعت وقالت: لا يليق بعاملة زهور مثلي تشتغل كل ساعات النهار لكسب فرنكين أن تركب في مركبة تجرها الجياد المطهمة، دعيني أذهب على الأقدام، واذهبي كما تشائين.
ثم ودعتها سريز وذهبت.
أما باكارا فإنها صعدت إلى المركبة، وأمرت السائق أن يقف، وما زالت بها إلى أن خرج فرناند، فقالت للسائق: اتبع هذا الرجل إلى حيث يذهب. (4) فرناند
كان فرناند في الخامسة والعشرين من سنيه، حسن الطلعة عالي القامة وافر الأدب، وقد ربي يتيما عند عم له، وتخرج في إحدى المدارس العالية، فاستخدم عندما بلغ العشرين من عمره في وزارة الخارجية براتب قليل، ثم أخذ راتبه يزيد شيئا فشيئا إلى أن فاق جميع أقرانه.
وكان كثير الشغف بفن الروايات، وقد علق آماله المستقبلة على هذا الفن؛ لشدة الإقبال في هذه البلاد التي لم تنشط من عقالها، ولم تبلغ ما بلغته من المدنية إلا بهذا الفن الجميل، فكان يصرف معظم فراغه بين المحابر والأقلام.
وكان شديد المطامع، من ذلك أنه عشق ابنة رئيسه في الوزارة، واسمها هرمين، وهو يعلم أن دون زواجه بها المصاعب الجمة، لفرط غناء أبيها ولشدة بخله، ولكنه كان كثير الأمل لتبادل الحب بينهما.
وكان والد هرمين قد دعاه إلى الطعام في ذلك اليوم الذي خرجت باكارا في إثره، وكان كثيرا ما يدعوه ليساعده في تأليف كتاب عزم على نشره باسمه، والاستعانة بفرناند عليه؛ لما كان يعلمه من حبه لابنته، والتذرع إلى مرضاته بجميع الوسائل.
ذهب فرناند يقطع الأرض نهبا، وقلبه يخفق خفوق الأجنحة من الشوق إلى هرمين؛ إذ لم يرها منذ ثلاثة أيام.
Unknown page