أنه كلام من مكلِّم إلى مكلَّم. وقال نوح بن أبي مريم١ في تكليمًا: (يعني المشافهة بين اثنين) ٢ وإن لم يكن هناك مشافهة، فالله تعالى قال لموسى ﵇: ﴿فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾ ٣ والاستماع بين الخلق لا يقع إلا إلى صوت، وهو غير الإفهام؛ لأنّ الفهم يتأخر عن السمع.
وقول الأشعري: "إنّ كلام الله شيء واحد، لا يدخله التبعيض"٤ فإذا قال إنّ الله أفهم موسى كلامه، لم يخل٥ أمر٦ من أن يكون قد أفهمه كلامه مطلقًا، فصار موسى ﵇ عالمًا بكلام الله حتى لم يبق له كلام من الأزل إلى الأبد إلا وقد فهمه. وفي ذلك اشتراك مع الله في علم الغيب، وذلك كفر بالاتفاق.
١ هو نوح بن أبي مريم أبو عصمة المروزي القرشي مولاهم، مشهور بكنيته، ويعرف بالجامع لجمعه العلوم، لكن كذبوه في الحديث، وقال ابن المبارك: كان يضع. مات سنة ١٧٣ هـ. انظر التقريب ٢/ ٣٠٩، واسم أبيه يزيد بن جعونة. انظر "الكنى للإمام مسلم ١/ ٦٤٣ ترجمة رقم: ٢٦١٣" والكنى للدولابي ٢/ ٣١.
٢ أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة ص ٦٤، وابن جرير في التفسير "٩/ ٤٠٣".
٣ سورة طه: جزء من آية "١٣".
٤ ليس ذلك في شيء من كتبه التي وصلت إلينا، وقد حكاه عنه الشهرستاني في الملل ١/ ٩٦، وهو قول الكلابية والأشعرية. انظر "المقالات ٢/ ٢٥٧" والإرشاد لإمام الحرمين ص ١٣٦.
٥ في الأصل "يخلو" بإثبات حرف العلة. والصواب حذفها "كما أثبت" لدخول أداة الجزم.
٦ كذا في الأصل بالتنكير، والتعريف أفصح.