وانقلب «التباكي» القريب إلى «انفجارة» مندفعة من ضحك القوم جميعا؛ لأنهم كلهم يعرفون أضاحيك «أمين واصف» ومراسم الشيخ المتزمت الغالي في التزمت «أحمد شفيق».
وثاب الشيخ «عبد الرازق» إلى وقاره بعد هنيهة، فقال كالمعتذر من هذه الثورة الضاحكة إلى الآنسة ربة الدار: ما هذا؟! إننا نضحك هذا الضحك مرة واحدة، فلا تؤاخذينا، فالعتب على القافية.
ولحقه «مطران» بغير أناة وهو يواصل ضحكه ويقول للشيخ: اضحك، اضحك يا مولاي، من الذي يطول ضحكة من هذه الضحكات في هذه الأيام؟! •••
وكان مطران أخبر زوار الندوة باللغة التي يجيب بها عن أسئلتها كلما سألت عن أحد، أو عن أمر، لا يسمح المقام بالصراحة «التامة» في الحديث عنه، جرى ذكر شيخ من كبار المستهترين في زمانه فضحكنا، فسألت: لماذا تضحكان من سيرة هذا الشيخ؟ ومن هو؟!
قلت: إنه شيخ متعبد وشرب الخمر أخف معاصيه.
قالت: يا حفيظ!
والتفتت إلى «مطران» ففهم أنها تستزيد البيان، فقال: هو رجل مستريح الضمير!
وربما كانت الألفة «العائلية» أقرب من ألفة الأدب في ترجيح دور «مطران» في الندوة ؛ لأن والدة الآنسة «مي» - وهي سيدة ذكية حازمة - كانت تعرف أهله كما تعرفه وتستمع إليه وإن لم يتحدث عن الأدب والفلسفة.
وانطلق ذات ليلة في نوادره ومداعباته وأخباره، لا يكاد يسكت أو يؤذن السامعين بالسكوت، فهمست في أذن الآنسة أقول: يحق للسيد «خليل» أن يعجبه كلامه كما يعجبنا، فإنه محدث ظريف خبير بأفانين السمر.
وسمعت والدتها هذه الملاحظة الهامسة فابتسمت وقالت بصوت مسموع: إنه كأمه تماما، أمه مثله كلمة كلمة!
Unknown page