هنا كما سبق، ولا أحد بكى غير الشاعر كما صرح بذلك في البيت الثالث. فلا إسعاد من قبله ولا من قبل غيره. أما العلاّمة المرصفي ﵀ فقد ضبط الفعل (أسعدت) بالبناء للمجهول ولم يفسّر البيت، فلعل الشاعر يقصد عنده أن تهييج العظام الباليات لحزنه وحملها إياه على البكاء بمنزلة إسعادها له.
(٨٩) ف ٤٦ ص ٩٤: والبيت الثالث منه:
ولا صاحبي لم يبك والناس ضاحك ... سليٌّ وباك شجوه غير ضاحك
وقال المحقق في الهامش (١): "في هامش الأصل مقابل البيت لأحد الفضلاء قوله: يعني ولا صاحبي بكى.".
قلت: أثبت التبريزي ٢: ١٥١ بعد البيت هذا الهامش، وفيه زيادة: "يعني ولا صاحبي بكى، لم يبكه غيري." وما أدري أهذا الكلام كله كان بهامش نسخته، فنقله بعد البيت أم زاد فيه توضيحًا له، خلافًا لعادته؟
(٩٠) ف ٤٨ ص ٩٨: ورد في النص قول نهشل بن حرّيّ في رثاء أخيه:
أغرّ كمصباح الدجّنة يتقي ... قذى الزاد حتى تستفاد أطايبه
وذكر النمري روايتين في البيت: (قذى) بالذال المعجمة و(قدى) بالمهملة، فردّ الغندجاني عليه بأنه لا يجوز هنا بالمعجمة قال: "وإنما هو (قدى) بالدال غير المعجمة ومثل من الأمثال: أفح تقد". وعلّق المحقق على هذا المثل قائلًا: "لم أجده في كتب الأمثال لديّ. وفي اللسان: أفح -واوية ويائية- أي أقم حتى يسكن حرّ النهار، ويبرد. وقدى الفرس يقدي بمعنى أسرع. فيكون معنى المثل: الإبراد أسرع لسيرك، وهو معنى لا يصلح لمراد نهشل في بيته المذكور. ويصح أن يكون المعنى: الإبراد أطيب لريحك، لأنه يعفيه من التعرّق وريحه".