الذي يُسَابُّك، قال حسان (^١):
لا تَسُبَّنَّنِي فلستَ بِسِبِّيْ ... إنَّ سِبِّي من الرجالِ الكريمُ
والصَّوابُ أنَّه عبد الرحمن بن حسَّان. وقد يشتركُ فيه المصدر والمفعول نحو: رِزْق. وفي إعطائهم ضمَّة الحاء للمصدر وكسرتها للمفعول سرٌّ لطيف، فإنَّ الكسرةَ أخفُّ من الضمة، والمحبوبُ أخفُّ على قلوبهم من نفس الحُبّ، فأعطَوُا الحركَةَ الخفيفة للأخفِّ، والثقيلَةَ للأثقل. ويُقال: أحَبَّهُ حُبًّا ومحبّةً، والمحبَّة أُمُّ هذه (^٢) الأسماء.
فصل
وأما كلامُ النَّاس في حدِّها فكثير. فقيل: هي الميل الدائم بالقلب الهائم. وقيل: إيثار المحبوب على جميع المصحوب. وقيل: موافقة الحبيب في المَشهد والمَغيب. وقيل: اتِّحاد مُراد المحبِّ ومراد المحبوب. وقيل: إيثار مُراد المحبوب على مُراد المحبِّ. وقيل: إقامة الخدمة مع القيام بالحُرْمة. وقيل: استقلالُ الكثير منك لمحبوبك، واستكثارُ القليل منه إليك. وقيل: استيلاء ذكر المحبوب على قلب المحبِّ. وقيل: حقيقتها أن تَهَبَ كلَّكَ لمن أحببتَه، فلا يبقى لك منك
(^١) في «الصحاح»: «قال الشاعر». والبيت ليس لحسان، بل لابنه عبد الرحمن كما صوَّبه المؤلف، انظر: «لسان العرب» (سبب)، و«تهذيب اللغة» (١٢/ ٣١٢). وهو بلا نسبة في «مقاييس اللغة» (٣/ ٦٣)، و«مجمل اللغة» (٣/ ٥٧)، و«المخصص» (١٢/ ١٧٥).
(^٢) ت: «أم باب هذه».