187

============================================================

دارا وشيدها وأمر بها قفرشت ونجدت واتخذ مائدة ووضع عليها طعاما ودعا الناس فجعلوا يدخلون ويأكلون ويشربون وينظرون إلى بنائه ويتعجيون من ذلك ويدعون له وينصرفون فمكسث بذلك أياما ثم جلس هو ونفر من خاصة أصحابه فقال قد ترون سرورى بدارى هذه وقد حدثت نفسى آن أتخذ لكل واحد من أولادى مثلها فأقيموا عندى أياما أستأنس بحديثكم وأشاوركم قيما أريد من هذا البناء فأقاموا عنده أياما في لهوهم إذ سمعوا قائلا من أقصى الدار يقول : على الخلائق إن سروا وإن حزتوا فالموت حتف لذى الأمال منصوب لا تبنين ديارا لست تسكنها وراجع النسك كيما يغفر الحوب ففزع لذلك وفزع أصحابه فزعا شديدا وراعهم، فقال هل سمعتم ما سمعت فقالوا نعم قال هل تجدون ما أجد قالوا ما تجد قال مسكة على فؤادى وما أراها إلا علة الموت، فقالوا كلا بل البقاء والعافية فبكى ثم أمر بالشراب فأهريق وبالملاهى فأخرجت أو قال كسرت وتاب إلى الله تبارك وتعالى ولم يزل يقول الموت الموت حتى خرجت نفسه رحمة الله تعالى عليه: الحكاية التاسعة بعد المافتين روى أن ملكا من ملوك كندة كان كثير المصاحبة للهو وللذات كثير العكوف على اللعب، فركب يوما للاصطياد أو غيره فانقطع عن أصحابه فإذا هو برجل جالس قد جمع عظاما من عظام الموتى وهى بين يديه يقبلها فقال ما قصتك أيها الرجل وما بلغ بك ما أرى من سسوء الحال ويبس الجسم وتغير اللون والانفراد في هذه الفلاة، فقال أما ما ذكرت من ذلك فلأنى على جناح سفر بعيد وبى موكلان مزعجان يحدوان بى إلى منزل ضنك المحل مظلم القعر كريه المقر ثم يسلمانى إلى مصاحبة البلى بمجاورة الهلكى تحت أطباق الثرى فلو تركت بذلك المنزل مع ضيقه ووحشته وارتعاء خشاش الأرض من لحمى حتى أعود رفاتا وتصير أعظمى رماما لكان للبلاء انقضاء وللشقاق انتهاء ولكنى أدفع بعد ذلك إلى صيحة الحشر وأرد أهوال ومواقف الجزاء، ثم لا أدرى إلى أى الدارين يؤمر بى فأى حال يلتذ به من يكون إلى هذا الأمر مصيره، فلما سمع الملك كلامه ألقى عن فرسه وجلس يين يديه وقال أيها الرجل لقد كدر على مقالك صفو عيشى وملك قلبى فأعد على بعض قولك واشرح لى ذلك، فقال له أما ترى هذه التى بين يدى قال بلى قال هذه عظام ملوك غرتهم الدنيا بزخرفها واستحوذت على قلوبهم بغرورها فألهتهم عن التأهب لهذه المصارع

Page 187