Qiraa Fi Kutub Caqaid
قراءة في كتب العقائد
Genres
سادسا: عدم فهم حجة الآخر:
مثل شبهتهم في النهي عن علم الكلام والجدل مع أنهم يتناقضون ويجادلون إذا تمكنوا من ذلك لكن لهم شبها ضعيفة يمنعون بها العلماء من الخوض في علم الكلام بينما يعلمون العوام مصطلحات مستحدثة من علم الكلام ويحسن أن أسرد هنا نموذجا للحوار معهم في جدوى علم الكلام للإمام أبي الحسن الأشعري وكان يرد على غلاة الحنابلة في عصره الذين يحرمون علم الكلام نتيجة عدم فهمهم لوظيفة علم الكلام نفسه أو عدم فهمهم لحجج الآخرين من المعتزلة وأصحاب الأشعري والكلابية وغيرهم.
يقول أبو الحسن الأشعري في رسالته (في استحسان الخوض في علم الكلام -يرد على الحنابلة-:
(إن طائفة من الناس جعلوا الجهل رأس مالهم، وثقل عليهم النظر والبحث عن الدين، ومالوا إلى التخفيف والتقليد، وطعنوا على من فتش عن أصول الدين، ونسبوه إلى الضلال، وزعموا أن الكلام في الحركة والسكون، والجسم والعرض، والألوان والأكوان، والجزء، والطفرة، وصفات الباري -عز وجل- بدعة وضلالة، وقالوا: لو كان هدى ورشادا لتكلم فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلفاؤه وأصحابه. (قالوا) ولأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يمت حتى تكلم في كل ما يحتاج إليه من أمور الدين، وبينه بيانا شافيا، ولم يترك بعده لأحد مقالا فيما للمسلمين إليه حاجة من أمور دينهم، وما يقربهم إلى الله - عز وجل- ويباعدهم عن سخطه، فلما لم يرووا عنه الكلام في شيء مما ذكرناه، علمنا أن الكلام فيه بدعة، والبحث عنه ضلالة، لأنه لو كان خيرا لما فات النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم، ولتكلموا فيه.
Page 170