Qiraa Fi Kutub Caqaid
قراءة في كتب العقائد
Genres
وتراهم يتناقضون في الصحابة ووجوب تقديرهم فيذمون الشيعة لأنهم ينتقصون أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بينما لا يذمون النواصب ولا يذكرونهم بسوء!! مع أنهم كانوا يلعنون علي بن أبي طالب ويذمونه ويرمونه بكل طامة سواء كان ذلك من قبل حكامهم من بني أمية أو علمائهم كحريز بن عثمان وثور بن يزيد ونحوهم بل يقومون بالفعل نفسه عندما يعدون عمار وأبا ذر وابن عديس وابن الحمق وغيرهم يعدونهم في اتباع عبد الله بن سبأ مع أنهم من كبار الصحابة، وابن سبأ أقرب للأسطورة منه للحقيقة!! فضلا عن الدور المكذوب الذي يزعمونه له حتى عدوا في أصحابه بعض كبار البدريين!! بالإضافة إلى أنهم عندما ينتقدون من يسب الصحابة لا يريدون -في الأغلب العام- الدفاع عن أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم وإنما جل اهتمامهم في الدفاع عن الطلقاء وخاصة معاوية، فسب معاوية عندهم أعظم من سب علي بن أبي طالب!! ولذلك تراهم يتشددون على من ينقد معاوية مثل تشددهم على ابن عبد البر والنسائي والحاكم بينما يمدحون من في كلامه انتقاص من قدر علي بن أبي طالب كابن تيمية وأبي بكر بن أبي داود والبربهاري... ويجعلون من ينتقد ابن تيمية هنا -ويبين أوهامه في حق الإمام علي- مبتدعا شيعيا ولا يقصد غلاتهم -فيما أظن- إلا المحافظة على أقواله في انتقاص علي بن أبي طالب والثناء على بني أمية والدفاع عنهم!! -لأن الغلو الحنبلي والنصب متلازمان غالبا- وتراهم ينتقدون الآخرين ويستدلون على صحة نقدهم لهم بأمور مشتبهة من كلامهم ولو بطرف عبارة بينما يبالغون في الاعتذار لعبارات صريحة صدرت من أئمتهم كما يفعلون في الاعتذار عما كتبه عبد الله بن أحمد أو الأهوازي أو الهروي في التجسيم أو ما كتبه البربهاري في التكفير أو ما كتبه ابن تيمية في انتقاص علي بن أبي طالب ورد كثير من فضائله!!.
وتراهم يذمون رجلا مثل أبي حنيفة لزعمهم أنه لم يؤت الرفق في دينه ثم يكفرونه وهذا أبلغ في البعد عن الرفق، وتراهم يذمون المنطق وينكرون المجاز مع وجود هذا وهذا في كلامهم وحججهم!!.
وتراهم يذمون الخوارج لأنهم يقتلون المسلمين ويكفرونهم بينما هم يفتون بقتل خصومهم وتكفيرهم كالخوارج تماما انظر -على سبيل المثال- الآثار عند عبد الله بن أحمد (528، 531) (431) (1/115،112،107،118، 120، 121، 124، 127،...) وغير ذلك مما لا يمكن حصره، لكنني أقول في الخلاصة هنا إنني لم أجد غلاة الحنابلة ينهون عن شيء إلا ارتكبوه عندما يريدون ولم يأمروا بأمر إلا خالفوه عندما يريدون ذلك، وهذه مصيبة عامة لا تكاد تنجو منها فرقة من فرق المسلمين للأسف لكنها في غلاة الحنابلة تبدو أكثر وضوحا من الأشاعرة والمعتزلة على الأقل.
أما دوره المزعوم في الفتنة فأجزم ببطلانه وإما وجود ابن سبأ من حيث الوجود فمحتمل، وليست القضية في وجوده من عدمه فالزنادقة والمبتدعة موجودون على مر التاريخ الإسلامي لكن ليس معنى هذا أن ننسب إليهم سقوط دول وقيام أخرى، علما بأن العلماء في القرون الثلاثة الأولى على اختلاف اهتماماتهم وأهوائهم لم يذكروا دور ابن سبأ بحرف واحد وأول من تحدث عن دوره المزعوم في الفتنة كان سيف بن عمر الإخباري الكذاب.
Page 169