Qiladat Nahr
قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر
Publisher
دار المنهاج
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م
Publisher Location
جدة
Genres
ومن سباياه صفية بنت حيي، فمر بلال بها وبامرأة أخرى على القتلى، فلما رأتهم المرأة التي مع صفية .. صاحت وصكّت وجهها وحثت التراب على رأسها، فقال ﷺ: «أغربوا عني هذه الشيطانة»، واصطفى صفية لنفسه، وقال لبلال: «انتزعت الرحمة منك يا بلال؛ تمر بامرأتين على قتلى رجالهما؟ !» (١).
ثم افتتح ﷺ حصن الصعب، ومنه شبع الجيش طعاما بعد مخمصة شديدة، ثم انتهى ﷺ إلى حصنهم الوطيح والسّلالم وهما آخر حصونها افتتاحا، وأوسعها أموالا، وأكثرها قتالا، فحاصرهم النبي ﷺ بضع عشرة ليلة (٢).
وروي: أنه ﷺ كانت به شقيقة، ولم يخرج إلى الناس، فأخذ الراية أبو بكر ﵁، فقاتل قتالا شديدا ولم يفتح عليه، ثم عمر كذلك، فقال ﷺ: «لأعطين الراية رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله»، فلما أصبح الناس .. غدوا إلى رسول الله ﷺ، كلّهم يرجو أن يعطاها، فقال ﷺ: «أين علي بن أبي طالب؟»، فقالوا:
يا رسول الله؛ هو يشتكي عينيه، قال: «فأرسلوا إليه» وكان قد تخلف عن رسول الله ﷺ بخيبر، وكان به رمد، فقال: أنا أتخلف عن رسول الله ﷺ؟ ! فخرج إلى خيبر، فأصبح بها صبيحة شوال ﵁ كما قاله الراوي؛ فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فبصق ﷺ في عينيه ودعا له وأعطاه الراية، فلما وافى من حصنهم .. أشرف عليه يهودي، فقال له: من أنت؟ قال: علي بن أبي طالب، قال: علوتم وما أنزل على موسى؛ فخرج مرحب يرتجز بهذا الرجز:
قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهّب
فبارزه عامر بن الأكوع عم سلمة بن عمرو بن الأكوع، فرجع سيف عامر عليه فقتله، فقال ﷺ: «إن له لأجرين»، ثم خرج مرحب أيضا يرتجز، فبرز له علي وهو يقول:
(١) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (٤/ ٢٣١)، والطبري في «تاريخه» (٣/ ١٣). (٢) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (٤/ ٢٢٣)، والطبري في «تاريخه» (٣/ ١٠).
1 / 234