Qiladat Nahr
قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر
Publisher
دار المنهاج
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م
Publisher Location
جدة
Genres
بالأمس» (١)، فانتدب منهم سبعون رجلا الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح، فلما بلغوا حمراء الأسد-وهي على ثمانية أميال من المدينة- .. مر بهم معبد الخزاعي، وكانت خزاعة نصحاء رسول الله ﷺ مسلمهم وكافرهم، فعزّى رسول الله ﷺ بمن أصيب من أصحابه، ثم جاوزهم، فلما انتهى إلى قريش .. أخبرهم بمخرج النبي ﷺ، وهوّل جيوشه، وقال: والله، لقد حملني ما رأيت على أن قلت: [من البسيط]
كادت تهدّ من الأصوات راحلتي ... إذ مالت الأرض بالجرد الأبابيل (٢)
في أبيات أنشدها، فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه عن الرجوع، ومر عليهم ركب من عبد القيس، فجعل لهم أبو سفيان جعلا على أن يخبروا رسول الله ﷺ ومن معه بأنهم يريدون الكرة عليهم، فلما مر الركب برسول الله ﷺ وأخبروه وأصحابه بمقالة أبي سفيان .. قالوا-كما حكى الله عنهم-: ﴿حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ،﴾ وأقام ﷺ بحمراء الأسد ثلاثا، ثم رجع.
وفي هذه الغزوة أخذ ﷺ معاوية بن المغيرة الأموي جدّ عبد الملك بن مروان أبا أمه، وأبا عزة الجمحي الشاعر، فأما معاوية .. فشفع فيه عثمان ﵁، فشفّع فيه على أنه إن وجد بعد ثلاث .. قتل، فوجد بعدها فقتل، وأما أبو عزة .. فكان النبي ﷺ أسره ببدر، فشكا حاجة وعيالا، فمنّ عليه رسول الله ﷺ مجانا، وأخذ عليه ألاّ يعين عليه، فنكث، فلما وقع الثانية .. شكا مثلها، فقال النبي ﷺ: «لا والله؛ لا تمسح عارضيك بمكة وتقول: خدعت محمدا مرتين؛ إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين» (٣)، وأمر بضرب عنقه.
وفي هذه السنة: غزوة بني النّضير بعد أحد، وقال الزهري عن عروة: وكانت قبل أحد على رأس ستة أشهر من بدر (٤)، وكانوا صالحوا النبي ﷺ حين قدموا المدينة على ألاّ يقاتلوا معه ولا يقاتلوه، فنقضوا العهد، فخرج كعب بن الأشرف في أربعين
(١) انظر «طبقات ابن سعد» (٢/ ٤٥). (٢) تهدّ: تسقط، الجرد: الخيل العتاق، الأبابيل: الجماعات. (٣) أخرجه البيهقي (٩/ ٦٥) بلفظه، وحديث: «لا يلدغ المؤمن ...» أخرجه البخاري (٦١٣٣)، ومسلم (٢٩٩٨). (٤) كذا أخرجه البخاري معلقا في (كتاب المغازي) باب: حديث بني النضير، وانظر حديث غزوة بني النضير بطوله عند أبي داود (٢٩٩٧)، وعبد الرزاق (٩٧٣٢) وما بعده.
1 / 209