216

Al-Qawānīn al-muḥkama fī al-uṣūl al-mutaqana

القوانين المحكمة في الاصول المتقنة

Publisher

دار المحجة البيضاء، 2010

للتكليف بالمحال وصير المقدور ممتنعا باختياره ، ولا يستحيل العقل مثل ذلك.

ولا يذهب عليك أن هذا الجواب يوهم أنا نقول بجواز تصريح الآمر بجواز ترك المقدمة ، فحينئذ يستظهر القائل بالوجوب ، ويقول : إن ذلك قبيح عن الحكيم فكيف يجوز تجويز الترك منه؟ وما لا يجوز تجويز تركه يكون واجبا.

ولكنا إنما قررنا هذا الدليل ، والجواب على مذاق القوم.

وأما على ما اخترناه وحققناه فلا يرد ما ذكر ، لأنا لا نقول بجواز تجويز ترك المقدمة ، وإن قلنا بجواز التصريح بعدم العقاب على ترك المقدمة ، وإن العقاب إنما هو على ترك ذي المقدمة ، ولا يستلزم ذلك عدم الوجوب التبعي أيضا.

وأما على مذاق القوم ، فقد يجاب عن هذا الإشكال (1) : بأن هذا التجويز إنما هو بحكم العقل لا الشرع حتى يكون سفها وعبثا ، وإنا وإن استقصينا التأمل في جواز انفكاك حكم العقل هاهنا من الشرع ، فلم نقف على وجه يعتمد عليه (2).

وقد يوجه ذلك (3) ؛ بأن أصالة البراءة التي هي حكم العقل تقتضي جواز الترك فيما لا نص فيه ، وهو بمعزل عن التحقيق ، إذ المراد من حكم العقل هنا ، إن كان مع قطع النظر عن ورود الأمر من الشرع بوجوب ذي المقدمة ، فلا اختصاص له بالعقل ، وأما معه ، فلا يمكن الحكم للعقل أيضا ، إذ هو من أدلة الشرع ، مع أنه لا يجري فيما يستقل بوجوبه العقل كمعرفة الله ، ولا قائل بالفرق.

__________________

(1) والمجيب هو صاحب «المعالم» فيه ص 17.

(2) هذا تعريض على قول صاحب «المعالم» حيث قال : بجواز الحكم العقلي دون الشرعي. هنا يظهر بالتأمل وجه عدم جواز الانفكاك ، وان العقل أيضا من أدلة الشرع ، فكما لا يجوز تصريح الشارع بجواز الترك ، لا يجوز تجويز العقل أيضا.

(3) وهذا اشارة الى ما ذكره المدقق الشيرواني في حاشيته على «المعالم».

Unknown page