215

Al-Qawānīn al-muḥkama fī al-uṣūl al-mutaqana

القوانين المحكمة في الاصول المتقنة

Publisher

دار المحجة البيضاء، 2010

وبأن (1) المقدمة لو لم تكن واجبة لجاز تركها ، وحينئذ فإن بقي التكليف لزم التكليف بالمحال وإلا لزم خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا ، وكلاهما باطلان ، وأن العقلاء يذمون تارك المقدمة مطلقا.

والجواب عن الأول : أن الإجماع في المسائل الاصولية غير ثابت الحجية ، ودعوى بعضهم الضرورة مع دعوى الجماعة الإجماع يقرب كون مراد الأكثرين أيضا الوجوب بالمعنى الذي اخترناه ، لا الوجوب الأصلي ، لغاية بعده.

وعن الثاني : إنا نختار الشق الأول (2).

ونجيب أولا : بالنقض بما لو ترك عصيانا على القول بالوجوب ، إذ لا مدخلية في الوجوب في القدرة.

فإن قلت : العصيان موجب لحصول التكليف بالمحال ولا مانع منه إذا كان السبب هو المكلف ، كما فيمن دخل دار قوم غصبا ، أو زنى بامرأة ، فهو مكلف بالخروج وعدمه ، وإخراج فرجه من فرجها وعدمه.

قلنا : فيما نحن فيه أيضا صار المكلف هو سببا للتكليف بالمحال ، لأن الفعل كان مقدورا له أولا فهو بنفسه جعله غير مقدور.

وثانيا : بالحل وهو أن المقدور لا يصير ممتنعا ، إذ الممتنع هو التكليف بشرط عدم المقدمة لا حال عدم المقدمة ، نظير تكليف الكفار بالفروع حال الكفر.

وإن فرضت الكلام في آخر أوقات الإمكان على ما هو مقتضى جواز الترك ، فنلتزم بقاء التكليف أيضا لعدم استحالة مثل هذا التكليف ، لأنه بنفسه تسبب

__________________

(1) لصاحب «المعالم» فيه ص 171.

(2) أي بقاء الواجب على وجوبه بعد اختيار المكلف ترك المقدمة.

Unknown page