261

Qawāʿid fī al-sulūk ilā Allāh taʿālā

قواعد في السلوك الى الله تعالى

Genres

عن فرائضه كيف أداها ؛ اهتم لمعرفة تصحيحها وإيقاع أحكامها على الوجه الذي أمر الله عز وجل به، فكل من لا يقرأ ربع العبادات ويعرف جملة من تفاصيلها، فلا يطمع في فلاحه؛ لأنه مقصر في أمر الله عز وجل في أول ابتدائه، فماذا ينتج منه في انتهائه ? ويكفيه أن يكتب ربع العبادات، ويقرأه على شيخ مرة واحدة، ويطالع منه كل يوم بابا، ويسأل ما أشكل عليه منه، ومتى حصل ذلك منه وقام به، كمل فرضه، وتوجه صلاحه من مطالبة الله عز وجل، فعند ذلك يأنس العبد بالخلوة والوحدة ، ويألف الأماكن الخالية التي تهدأ فيها الأصوات والحركات؛ كالبيوت المظلمة، والمغارات البعيدة من الناس، فيحب الصلاة؛ فإنها تسد أبواب الحواس، وتجمع قواها في القلب، فيأنس بها مدة من الزمان، ويبقى أجنبيا عن الخلق مستوحشا منهم ومن نظرهم، ولا يخالطهم إلا في جمعة أو جماعة أو ميعاد، ثم يفتح له حلاوة العبادة، ويجد الحلاوة في الصلاة، والركوع، والسجود، يحب أن يبقى يومه أجمع لا يشغله عن العبادة شاغل.

ثم يفتح له بحلاوة استماع كلام الله عز وجل وترديده على الأسماع والقلوب، وحلاوة الذكر، فيرزق في التلاوة بوارق الشعور بالمتكلم سبحانه، ويرزق في الذكر الفناء والاستغراق فيه، حتى يغيب فيه، ويدخل بقلبه في عالم الغيب.

ثم يفتح له بعد ذلك إن شاء الله عز وجل بالحياء من الله عز وجل، وذلك أول شواهد المعرفة، وهو نور يقع في القلب، يريه

Page 283