أن حرمة النبي ﷺ بعد موته، وتوقيره وتعظيمه لازم كما كان حال حياته، وذلك عند ذكره وذكر حديثه وسنته وسماع اسمه.
٣٧٧ - وذكر عن مالك أنه سئل عن أيوب السختياني فقال: ما حدثتكم عن أحد إلا وأيوب أفضل منه. قال: وحج حجتين فكنت أرمقه فلا أسمع منه غير أنه كان إذا ذكر النبي ﷺ بكى حتى أرحمه، فلما رأيت منه ما رأيت وإجلاله للنبي ﷺ كتبت عنه.
٣٧٨ - وقال مصعب بن عبد الله: كان مالك إذا ذكر النبي ﷺ يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه. فقيل له يومًا في ذلك فقال: لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم عليّ ما ترون، لقد كنت أرى محمد بن المنكدر - وكان سيد القراء - لا نكاد نسأله عن حديث أبدًا إلا يبكي حتى نرحمه.
٣٧٩ - ولقد كنت أرى جعفر بن محمد - وكان كثير الدعابة والتبسم - فإذا ذكر عنده النبي ﷺ اصفر لونه، وما رأيته يحدث عن رسول الله ﷺ إلا على طهارة.
ولقد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصليًا، وإما صامتًا، وإما يقرأ القرآن. ولا يتكلم فيما لا يعنيه، وكان من العلماء والعباد الذين يخشون الله.
٣٨٠ - ولقد كان عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي ﷺ فينظر إلى لونه كأنه نزف منه الدم وقد جف لسانه في فمه هيبة لرسول الله ﷺ.