الثالث: وهو مذهب من يحتج بالسند المعنعن، والمعنعن عنه، ولو مرة واحدة، وكان الراوي بريئًا من تهمة التدليس (١) .
وهذا هو رأي علي بن المديني، والإمام البخاري، وأكثر الأئمة (٢) بل حكى ابن عبد البر (٣) وأبو عمرو المقرئ (٤) الإجماع على قبول المحدثين للسند المعنعن إذا توفرت فيه الشروط السابقة.
ولا نخوض الآن في حجج هذا المذهب، لأننا سنعرض لها - إن شاء اللهـ بالتفصيل في الباب الثاني من هذا البحث.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا ما ذكره أبو عمرو بن الصلاح بقوله: (ومنهم من يقتصر في ذلك على اشتراط مطلق اللقاء أو السماع وزاد عليه، فاشترط أبو عمرو الداني المقرئ الحافظ: أن يكون معروفًا بالرواية عنه، واشترط أبو الحسن القابسي المالكي (٥) أن يكون قد أدرك المنقول عنه إدراكًا بينًا (٦) .
وفيما قاله أبو عمرو المقرئ وأبو الحسن القابسي إجمال يستدعى التساؤل: هل قصدا بقولهما " أن يكون معروفًا بالرواية" و"أن يكون أدرك المنقول عنه إدراكًا