============================================================
الى ان حرج السلطان بذلك السيب، ورسم بركوب بريدي لحضور متولي دمياط، فأحضره في سرعة. ولما دخل سأله السلطان : "والك أخربت بلدي"، ولم يسمع له جواب، ولا قبل منه حجة وسلمه للولو يستخرج منه أموال الناس، وشرع يتكلم في النشو ويرافعه ويقول : "عندي أوراق تتعلق بمال أخذه" فلم يقبل منه ولا سمع له قول، وحضر(1) النشو وقتله بالمقارع قتل مؤلم، وكان يحمل كل يوم ويستلف ثم رسم للأمير سيف الدين آقبغا أستادار آن يركب إلى ثغر دمياط ويكشف امرها، فركب ووصل إلى دمياط، وأحضر المراكب والريسا، وأهل الثغر، وسأل عن حقيقة الأمر، وكان النشو قد سير كتاب أوصاهم با يقولوا من أمر يوجب دقه 89و ولما ركب آقبغا حضرت إليه دمياط(2) وعرفوه ان الضرر واقع بسبب دخول الماء المالح إليهم، وأسر له بعضهم أن الماء له عادة بالدخول إلى الحلو(3) واختلاطه به في أيام اختلاف الريح وهيجان البحر . وركب آقبغا الى المكان بين البرزخين، ووقف وسالوا منه الحجر، فوجده حجر عظيم الى الغاية، ورسم أن لا يرجع أحد يشيل منه شيء، وأخبرت جماعة كثيرة من أهل البلد، لما استخبرناهم عن أمره، أن العادة المستقرة في بعض السنين أن المولية وهي الريح العاصفة تدخل الى الماء الحلو وتختلط به، وتبقى إلى أن يصل إلى قريب فارس كور(4)، وتقيم أيام ثم تعود الرياح كما جاعءت، وأن هذا الأمر ليس هو مستجد، وإنما عظمه النشر عند السلطان ليبلغ غرضه من الرجل ، وبلغ منه ما أراد.
(1) الأصل: وحظر.
((2) المقصود: أهل دمياط: ((4) يتصد: ماء النهر.
(4) وردت آيضا برسم "فار سكره ووقار مكوره، ويستفاد من ياقوت (4: 228) وابن بطوطة (ص 35) انها كانت بلدة على ساحل النيل قرب دمياط من كورة الدقهاية، وهي اليوم من مراكز مديرية الدقهلية.
Page 260