والموجود في الأثر: انظر إلى من فضلت عليه، واحمد الله، ولا تنظر إلى من فوقك، فيما أوتي من الدنيا، فقد أخبر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - ، بقول داود وسليمان، إذ قال: { ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين } فحمدا الله، على ما فضلهما في الملك والنبوة، وآتاهما ما لم يؤت غيرهما من المؤمنين، فذلك يجوز على هذا، إذا رأى رأي فضل الله عليه، حمد الله.
قلت: وكذلك يقول في دعائه، في آخر صلاته: أشهد أن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، أم إنما هو خاص للأنبياء - صلوات الله عليهم - ولمن صحت سعادته؛ لأنه مما يدخل في تزكية النفس، أم ما عندك في ذلك؟
قال: عندي في ذلك أن ذلك جائز، إذا دعا به الداعي، على وجه التذلل لله، وأنه قد أسلم ذلك لله في طاعته، لا يعتقد ذلك تزكية لنفسه، ولا يقول إلا كما جاء به القرآن فلا يقول: أشهد على وجه العلم بالتزكية، ولكن على وجه: إني أجعل ذلك لله في طاعته، لا شريك له، ولا أحب أن يقول: أشهد، ولكن يقول: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين - كما جاء به القرآن.
قلت: والداعي يقول في دعائه: اللهم لا تخزني بالبلاء، هل يجوز هذا في الدعاء؟ وإن كان لا يجوز، فما يكون حال قائله؟ وما تكون منزلته؟
فالذي أنا عليه: أن الله تعالى لا تضاف إليه التخزية بالبلاء، ولا غيره. وإنما يفعل بعباده، ما قد علم وشاء، لا من وجه التخزية، والقائل لذلك جاف في دينه، بقوله ذلك؛ إن لم يتب.
قال: جائز أن يقال لله تعالى: يا رب الأرباب - انقضني.
ولا يجوز على الإطلاق: اللهم لا تعرض عني.
ولا يجوز: اللهم لا تجر علي، ولا تظلمني، وإن كان معلوما: أن الله لا يفعل شيئا من ذلك.
بشير - قال: يجوز أن يقول: اللهم حل بيني وبين الشيطان.
ويقال: إن الله حال بين المؤمنين، وبين الكفر.
ومعنى ذلك: أنه أمرهم بالإيمان، ونهاهم عن الكفر.
Page 196