Nur Waqqad
النور الوقاد على علم الرشاد لمحمد الرقيشي
Genres
المسألة السابعة : في جبابرة المصر الآهلين فيه أعلم أنه اختلف العلماء في هل تجب على أهل المصر كله دفاع كل جبار في عمان أصر على بغية وظلمه وامتنع عن الانقياد للحق وحكمه فقتاله دفاع يلزم أهل المصر كله جميعا لأنه لدفع ظلمه وعناده وإزالة جوره وعناده ، فدفع ظلمه الواقع بالخلق كدفع الخصم الخارج المخوف منه وقع الظلم بل هو أشد لأنه هذا واقع وذلك مخوف أن يقع والبلية بدفع الواقع أشد وفي قول الشيخ الصبحي ما دل على أن القول بهذا يشبه الأنفاق من أهل العلم فيما يشبه الأنفاق أن عمان كالبلد في حكم الجهاد لعدوها وإنا نحفظ ذلك عن عامة من أهل العلم إلا من شاء الله منهم وأن جهادها دفاع كان هذا من رأى الإمام راشد ابن سعيد ومن تابعه في زمانه انتهى بلفظه الذي حكاه الشيخ الخليلي عن الشيخ الصبحي وفيه ما دل على أن جهاد عمان كله دفاع فأنظر كيف رتب أولا في الدفاع قال أن عمان كالبلد الواحد لعدوها ثم لم يكتف حتى أوضح قاعدة أخرى هي أعم وأضم من الأولى فقال عاطفا بالنسق على الأول وأن جهادها دفاع فدل بظاهر إطلاقه على أن جهاد عمان دفاع كله فهو شامل لجميع الصور انتهى واللفظ له قال الشيخ الصبحي عن الإمام هل له جبر الرعية للجهاد قال معي أن في ذلك اختلافا أن كان هو خارجا على عدوه من أهل الشرك أو من أهل التوحيد والإقرار وإن كان هو المخروج عليه فجبرهم على مصالحهم أوجب والزم إذا كان لهم فيه الصلاح الظاهر قال الشيخ صالح بن علي رحمه الله إذا بغت طائفة على أخرى وفي المبغي عليهم رجال تخلوا عن المصادمة وكشف العار عن وجوهم وتخملوا فهل للقائم بأمرهم أن يشد عليهم ويقرهم بالجبر على القتال أن خيف ظهور العدو عليهم قال نعم في بعض الرأي وهذا دفاع والجبر عليه جائز وفيها نقله الشيخ الخليلي عن الشيخ الصبحي أن كان أعلم لا أحفظ فيه شيئا مالكا متغلبا أترى هذا بمنزلة الخارج أو المخروج عليه قال الله أعمل لا أحفظ فيه شيئا ولعل من يرى عمان مصر واحد يجعل هذا بمنزلة المخروج عليه ومن يجعلها أمصارا يجعلها بمنزلة الخارج وقولي في هذا أو غيره قول المسلمين انتهى قول الصبحي . وقال الشيخ الخليلي فقوله يجعل هذا بمنزلة أن كانت الإشارة فيه للإمام أو للمالك المتغلب فقد ثبت أن قتال ذلك المالك المتغالب دفاع في أحد الوجهين لأنه نزل في منزلة الخارج على الإمام دفاع لا شك ولكن يجوز في صحيح التأويل أن تكون الإشارة إلى الإمام لأن المعنى لا يستقيم بدونه لأن من يرى أن عمان مصرا واحدا وجهادها دفاع مطلقا يرى أن الإمام في هذا الموضع بمنزلة المخروج عليه فيوجب على أهل عمان جهاد هذا الجبار المتغلب بظلمه على بعض المصر ويروي أن هذا الجهاد دفاع كما قررناه وهو المراد فيما أتفق عليه الإمام راشد بن سعيد ومن تابعه وكما أصلناه وبهذا يصح تفسير قوله من يجعلها أمثارا ويجعل هذا بمنزلة الخارج وهو المخروج عليه بالحقيقة لما كان في الرأي الأول أن القتال دفاع نزل الإمام منزلة المخروج عليه وفي الرأي الثاني لما جعلت القرى بمنزلة الأمصار فلا يلزم أهل كل مصر دفاع عن مصر أخر كان الخروج من الإمام جهادا محضا فهو بمنزلة الخارج للجهاد فلا يشمله اسم الدفاع ولا حكمة هذا وأن بقي عبارة من يجعلها أمصار تسامح وتساهل وربما يتوهم أنه مما يشكل على الإفهام ويلتبس فإن عمان مصر واحد ولا قائل بأنها أمصار وليس قوله هذا خلافا للأصل المجتمع عليه ولا جهلا به فيما أظن والعلم عند الله وإنما يحتمل قوله هذا على إدارة التشبيه بعلة الحكم الجامع فتلخيص العبارة ومن جعلها كأمصار كثيرة في حكمها إشارة إلى من قال أنه لا يلزم أهل قرية الدفاع عن قرية أخرى فقد جعلت القرية كالمصر في هذا الحكم ولهذا جعل للإمام حكم الخارج للجهاد في هذا الموضع . أم لا قال الشيخ الخليلي هكذا عندي وقد علمتم ما كان عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه من الاستيلاء على الأمصار البعيدة والأقاليم الشاسعة فهل يسوغ في عقل أو نقل أنه لو قام على قطر من الأقطار الشاسعة أو بغي على مصر من الأمصار فلم يكف للدفاع عنه أن يتركوه ولا يلزموا الناس الدفاع عنه والخروج إليه وليت شعري هل كان يسع علي بن أبي طالب ومن كان معه من المهاجرين والأنصار ترك الدفاع عن الشام لو سالمهم عليها معاوية بن أبي سفيان وقد ثبت عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لما استغاثت به خزاعة وقد كانوا أسلموا ودخلوا في عهده ومكة يومئذ كافرة فقال ( صلى الله عليه وسلم ) لا نصرت إن لم أنصركم فاستنفر المسلمين فخرج لنصرهم وإنقاذهم من البغي وقوله عليه السلام لا نصرت إن لم أنصركم دليل - الوجوب - إذ لا يستوجب عليه ذلك من هو مخير في فعل ذلك وتركه ونصر المظلومين وإنقاذهم وإغاثتهم وكف البغي عنهم من معنى الدفاع في الخارج عن المصر ولو خارجا عن ملك الإمام إذا رأى الإمام الخروج إليه فإن كان ذلك المصر في حماية الإمام وتحت راية الإسلام فالدفاع عنه أوجب ولإجماعهم أن مكة والمدينة مصران قنا أن إصلاحهم أن عمان مصر هو إصلاح عرفي بأن أهل عمان لم يجز لهم الأحكام في غيرها غالبا فكانت الأسئلة منهم والأجوبة على هذا انتهى نقلا عن الشيخ الخليلي بلفظه ....
المسألة التاسعة : أعلم أن كل دفاع جهاد وما كل جهاد دفاع فخروج النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لفتح مكة دفاع وجهاد ولو كان خروجه لها من غير سبب لكان جهادا مخلصا ولما انضم إليه باعث أخر وهو نصر خزاعة وإنقاذهم من البغي بعد الشكاية منهم إليه جاز أن يسمى دفاعا فهو دفاع وجهاد معا ولهذا قيل أن نصر خزاعة كان سببا لفتح مكة والله أعلم .
Page 91