93
أربعة آلافٍ حديث ومازاد. فقال: والله واللهِ لأحُدثنّك بحديثين يُنسيانك كلَّ حديث رويته في فضائل عليٍ ﵇. قلنُ: حدثني، ياامير المؤمنين! قال: كنتُ هاربًا من بني أمية أدور في البلاد وأتقرَّبُ إلى الناس بفضائل عليٍّ، فيعطوني ويُكسوني حتى وردتُ بلاد الشام، فدخلتُ مسجدًا وأنا أُريد أن أكلم الناس في عشاءٍ. فلمَّا سلّم الإمام دخل غُلامان من باب المسجد، فالتفت إليهما الإمام فقال: ادخُلا، مرحبًا بكما وبمن اسمُه من أسمائكما! وكان إلى جنبي شابٌ فقلتُ: ياهذا، من هذا الشيخ من هذين الغلامين؟ فقال: جدُّهما وليس في هذه المدينة احدٌ يُحبُ عليًا غيره. فقُمتُ إليه فرحًا وقلت: ياشيخ، هل لك في حديث أُقرُّ به عينك؟! قال: إن أقررت عيني أقررت عينك! قلت: حدثني أبي عن أبيه عن جده قال: كنَّا ذات يوم مع رسول الله ﷺ جلوسًا، إذ أقبلت فاطمةُ ﵍ زهي تبكي. فقال لها رسول الله ﷺ: مايبكيك؟ قالت: ياأبه، خرج الحسن والحسين ولم يرجعا البارحة. فقال لها النبي ﷺ: لاتبكينَّ! فإن الذي خلقهما ألطفُ بهما مني ومنك، وهبط جبريل ﵇ فقال: يامحمد، الله يُقرئك السلام ويقول: لاتغتمَّ لهما ولاتحزن! فإنهما نائمان في حظيرة بني النجَّار ولقد وكلّ الله بهما ملكًا يحفظهما. قال: فقام النبي ﷺ فرحًا في نفرٍ من أصحابه، وإذا الغلامان نائمان والحسن معانقٌ الحسين ﵉، وإذا ذلك الملك الموكل بهما قد أدخل أحد جناحيه تحتهما والآخر قد جللهما به. قال: فانكبَّ النبي ﷺ يقبلهما حتى أنتبها، فحمل جبريل ﵇ الحسن، وحمل النبيّ ﷺ الحسين وخرج من باب الحظيرة وهو يقول: لأشرِفّنّكما اليومَ كما شرفكما الله ﷿. فقال أبو بكر الصديق ﵁: يارسول الله، أعطني أحد الغلامين أحمله وأُخفف عنك! فقال النبيّ ﷺ: نِعْم الحاملان ونعم الراكبان وأبوهما خيرٌ منهما! فقال عمر: أعطني، يارسول الله، أحد الغلامين أحمله وأُخفف عنك! فقال النبي ﷺ: نعم الحاملان ونعم الراكبان وأبوهما خيرٌ منهما! ثمّ التفت إلى بلال فقال: يابلال، هَلُمَّ عليَّ الناس فناد الصلاة جامعةً! فنادى بلالٌ في المدينة الصلاة جامعة، فاجتمع الناس إلى المسجد، فصعد فخطب الناس خطبةً بليغةً فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناسُ، ألا أدلكم على خير الناس جدًا وجدة؟ قالوا: بلى، يارسول الله! قال: عليكم بالحسن والحسين فإن جدَّهما محمّدٌ وجدَّتهما خديجة بنت خويلد سيّدة نساء أهل الجنة. أيها الناس، ألا أدلكم على خير الناس أبًا وأمًا. قالوا: بلى، يارسول الله! قال: عليكم بالحسن والحسين فإن أباهما يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، وأمهما فاطمة بنت محمد. ثم قال: ياأيها الناس، ألا أدلُكُم على خير الناس عمَّا وعمة؟ قالوا: بلى، يارسول الله! قال: عليكم بالحسن والحسيت فإن عمهما جعفر الطيار وعمتهما أمّ هانئ بنت أبي طالب. ثمّ قال: ياأيها الناس، ألا أدلكم على خير الناس خالًا وخالة؟ قالوا: بلى، يارسول الله! قال: عليكم بالحسن والحسبن فإن خالهما القاسم بن رسول الله وخالتهما زينب بنت رسول الله. ثمّ رفع يديه حتى رأينا بياض إبطيه، ثم قال: اللهمَّ إنك، ياالله، تعلم أنَّ الحين والحسين في الجنة وجدَّهما في الجنة وجدتهما في الجنة وأباهما في الجنة وأمهما في الجنة وعمهما في الجنة وعمتهما في الجنة وخالهما في الجنة وخالتهما في الجنة، اللهمَّ إنك تعلم أن من أحبهما في الجنة ومن أبغضهما في النار. قال: فلمَّا قلتُ ذلك للشيخ قال: من أنت؟ يافتى! قلت: من أهل الكوفة. قال: أعربيٌّ أم مولى؟ قلتُ: عربيٌّ. قال: وأنت تحدث بهذا الحديث وأنت في هذا الكساء!؟ فكساني حُلّةً وحملني على بغلة بعتها في ذلك الزمان بمائة دينار، وقال: قد أقررت عيني وأنا أدُلُّك على شابٍ يُقرُّ عينك. قلت: وأين؟ قال: إذا كان غدًا فأت مسجد بني فلان! فإنّ ثمَّ أخوين، أما أحدهما فلم يزل يحب عليًَّا منذ خرج من بطن أمه، والآخر لم يزل مبغضًا لعليّ منذ خرج من بطن أمه، فقد غير الله مامر، فهو اليوم يحب عليًا.

1 / 93