فزبره «١» وقال: تنح يا بن رطبة الإست! والله مالك عقل؛ وبلغ أم خالد ذلك فأضمرت له السوء؛ فدخل مروان عليها وقال لها: هل قال لك خالد شيئًا؟
فأنكرت فنام عندها، فوثبت هي وجواريها فعمدت إلى وسادة فوضعتها على وجهه وغمرته هي والجواري حتى مات، ثم صرخن وقلن: مات فجأة. وقال الهيثم: إنه مات مطعونًا بدمشق. والله أعلم. وفي حدودها توفي قيس بن ذريح أبو زيد الليثي الشاعر المشهور، كان من بادية الحجاز، وهو الذي كان يشبب بأم معمر لبنى بنت الحباب الكعبية ثم إنه تزوج بها، وقيل: إنه كان أخا الحسين بن علي ﵄ من الرضاعة، ثم أمر قيسًا هذا أبوه بطلاق لبنى فطلقها وفارقها، ثم قال فيها تلك الأشعار الرائقة؛ من ذلك قوله:
ولو أنّنى أسطيع صبرًا وسلوةً ... تناسيت لبنى غير ما مضمرٍ حقدا
ولكن قلبى قد تقسمه الهوى ... شتاتًا فما ألفى صبورًا ولا جلدا
وله بيت مفرد:
وكل ملمات الزمان وجدتها ... سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
وفي حدودها أيضًا توفي قيس بن معاذ المجنون، ومن ثم يقاس الجنون بمجنون ليلى، وقيل اسمه البختري «٢» بن الجعد وقيل غير ذلك. وليلى محبوبته: هي ليلى بنت مهدي أم مالك العامرية الربعية. وهو من بني عامر بن صعصعة وقيل من بنى كعب ابن سعد، قيل إنه علق بليلى علاقة الصبا لأنهما كانا صغيرين يرعيان أغنامًا لقومهما، فعلق كل واحد منهما بالآخر، فلما كبرا احتجبت عنه ليلى فزال عقله؛ وفي ذلك يقول: