185

واليك بعض المأثور عنه من ذلك. فأمعن به لتقف على أهدافه، قال صلى الله عليه وآله: " يا ويح قريش نهكتهم الحرب فماذا عليهم لو خلوا بيني وبين العرب، فان هم أصابوني كان الذي أرادوه، وان أظهرني الله عليهم دخلوا في الاسلام وافرين، وان أبوا قاتلوني وبهم قوة ؟ فما تظن قريش فوالله الذي لا اله الا هو لا أزال اجاهد على الذي بعثني به ربي حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة ! " (223) - وهي صفحة العنق كناية عن قتله -. وقال صلى الله عليه وآله يطمعهم في خلقه الكريم وفضله العميم: " والذي نفس محمد بيده لا تدعوني اليوم قريش إلى خطة يسألوني فيها صلة الرحم الا أعطيتهم اياها " (224). أعلن رحمته هذه بكلماته هذه الحكيمة الرحيمة ، ثم جمع أصحابه يستشيرهم في حرب قريش إذا اصروا على صده عن البيت، فكان جلهم - ان لم يكونوا كلهم - متأهبين للقتال، متعبئين لجهاد قريش وغيرها، مندفعين إلى ذلك، ونهض المقداد أثنا اندفاعهم يتكلم بلسان الجميع، فقال: " يا رسول الله نحن لا نقول لك ما قال بنو اسرائيل لموسى عليه السلام: اذهب أنت وربك فقاتلا انا هيهنا قاعدون، وانما نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكم مقاتلون، والله

---

(223) راجع: السيرة الحلبية ج 2 / 692، الكامل في التاريخ ج 2 / 136 ط دار الكتاب العربي. (224) راجع: السيرة الحلبية ج 2 / 693، الكامل في التاريخ ج 2 / 136 ط دار الكتاب العربي. وقريب منه في: الطبقات لابن سعد ج 2 / 96.

--- [168]

Page 167