الحركات ذكر الله والملائكة وعالم السعادة شاءت أن أبت فيتقرر لذلك فيها هيئة الانزعاج عن هذا البدن وتأثيراته وملكة التسلط على البدن فلا تنفعل عنه فإذا جرت عليها أفعال بدنية لم يؤثر فيها هيئة وملكة تأسرها لو كانت مخلدة إليه منقادة له من كل وجه فلذلك ما قال القائل الحق " إن الحسنات يذهبن السيئات " فإن دام هذا الفعل من الإنسان استفاد ملكة الالتفات إلى جهة الحق والإعراض عن الباطل وصار شديد الاستعداد للتخلص إلى السعادة بعد المفارقة البدنية - وهذه الأفعال لو فعلها فاعل ولم يعتقد أنها فريضة من عند الله تعالى وكان مع اعتقاده ذلك يلزمه في كل فعل أن يتذكر الله تعالى ويعرض عن غيره لكان جديرا بأن يفوز من هذا الذكاء بحظ فكيف إذا استعملها من يعلم أن النبي من عند الله وبإرسال الله وواجب في الحكمة الإلهية إرساله وأن جميع ما يسنه فإنما هو واجب من عند الله أن يسنه وإنما يسنه من عند الله فالنبي فرض عليه من عند الله أن يفرض عباداته وتكون الفائدة في العبادات للعابدين بما يبقى به فيهم السنة والشريعة التي هي أسباب وجودهم وبما يقربهم عند المعاد من الله زلفى بزكاتهم ثم هذا الإنسان هو الملي بتدبير أحوال الناس على ما تنتظم به أسباب معيشتهم ومصالح معادهم وهو إنسان يتميز عن سائر الناس بتألهه.
تم الكتاب والحمد والثناء لواهب العقل والحكمة في المبدأ والمآب.
Unknown page