335

وقد أكدت في النهاية : أن الذين لم يجعل الله لهم نورا فمالهم من نور أبدا.

إن عبارات هذه الآية تثبت بوضوح أن الكفر وعدم الإيمان ظلمات ، وأن الإيمان والإسلام نور.

إن الأخطاء التي تصدر من غير المؤمنين ومن المنحرفين بدرجة من الكثرة بحيث يحار الناظر اليهم كيف أنهم لا يكادون يرون حتى موضع أقدامهم؟! وكيف أنهم لا يستطيعون تمييز ما ينفعهم عما يضرهم؟

حقا أنه لا ظلام أشد من الظلام الذي رسمته الآية ، فإن طبيعة أعماق البحار هي الظلام ، لأن نور الشمس لا ينفذ إلا لمدى أقصاه سبعمائة متر ، وبعد ذلك لا شيء سوى الظلام الدامس ، هذا إذا لم يكن البحر لجيا ، وإلا فلا تنفذ أشعة الشمس إلالمدى قريب جدا من سطح البحر ، وفضلا عن هذا فإن الغيوم تمنع من وصول أشعة الشمس أساسا.

ويقول البعض : إن المراد من الظلمات الثلاثة في الآية هي ظلمات الكفار في الاعتقاد ، وظلماتهم في الكلام ، وظلماتهم في العمل.

ويعتقد بعض أن المراد منها هو : ظلمات القلب وظلمات الباصرة وظلمات السمع ، وأضاف بعض آخر : أن هذه الظلمات عبارة عن : أنه لا يعلم ولا يعلم أنه لا يعلم ، ويظن أنه يعلم (1)، ولكن لا منافاة بين هذه التفاسير ، ومفهوم الآية يسع جميع هذه التفاسير.

* *

والآية الثالثة ، بعدما وصفت المؤمنين ب «الصديقين» و «الشهداء» أضافت : «لهم أجرهم ونورهم».

إن «الصديق» صيغة مبالغة لصادق ، وتعني كثير الصدق ، ويقول البعض : إنها تعني الشخص الذي لم يصدر منه كذب أبدا ، ويعتقد بعض آخر : إنها تعني الذي اعتاد على الصدق بحيث يمتنع عليه الكذب عادة ، وبتعبير آخر : حصلت له طبيعة ثانوية على أساس الصدق وعدم الكذب.

Page 353