Muthir Gharam
مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن
Investigator
مرزوق علي إبراهيم
Publisher
دار الراية
Edition Number
الأولى ١٤١٥ هـ
Publication Year
١٩٩٥ م
Genres
Geography
يَقْدُمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ [ﷺ] أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة ليرى المشركون جَلَدَهُمْ.
وَهَذَا فِي «الصَّحِيحَيْنِ» .
ثُمَّ زَالَتْ تِلْكَ الأَشْيَاءِ وَبَقِيَتْ آثَارُهَا وَأَحْكَامُهَا، وَرُبَّمَا أُشْكِلَتْ هَذِهِ الأمور على من يرى صورها ولا يَعْرِفْ أَسْبَابَهَا، فَيُقُولُ: هَذَا لا مَعنَى لَهُ، فَقَدْ بَيَّنْتُ لَكَ الأَسْبَابَ مِنْ حَيْثُ النَّقْلِ، وَهَا أَنَا أُمَهِّدُ لَكَ مِنَ الْمَعْنَى قَاعِدَةً تَبْنِي عَلَيْهَا مَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا.
اعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ الْعِبَادَةِ مَعْقُولٌ، وَهُوَ ذُلُّ الْعَبْدِ لِمَوْلاهُ بِطَاعَتِهِ، فَإِنَّ الصَّلاةَ فِيهَا مِنَ التَّوَاضُعِ وَالذُّلِّ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ التَّعَبُّدُ.
وَفِي الزَّكَاةِ إِرْفَاقٌ وَمُوَاسَاةٌ يُفْهَمُ مَعْنَاهُ.
وَفِي الصَّوْمِ كَسْرُ شهوة النفس لتنقاد طائعة إلى مخدومها.
وفي تشريف البيت ونصبه مقصدًا وجعل له ما حواليها حرمًا تفخيمًا له، وإقبال الخلق شُعُثًا غُبُرًا كَإِقْبَالِ الْعَبْدِ إِلَى مَوْلاهُ ذَلِيلا مُعْتَذِرًا أَمْرٌ مَفْهُومٌ، وَالنَّفْسُ تَأْنَسُ مِنَ التَّعَبُّدِ بِمَا تَفْهَمُهُ، فَيَكُونُ مَيْلُ الطَّبْعِ إِلَيْهِ مُعِينًا عَلَى فِعْلِهِ، وَبَاعِثًا؛ فَوُظُّفَتْ لَهَا وَظَائِفُ لا يفهمها، ليتم انقيادها كالسعي والرمي، فإنه لاحظ فِي ذَلِكَ لِلنَّفْسِ، وَلا أُنْسَ فِيهِ لِلطَّبْعِ، وَلا يَهْتَدِي الْعَقْلُ إِلَى مَعْنَاهُ، فَلا
1 / 285