289

ذكره ( أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم ) وذلك يقتضى أنه لم يشأ ذلك ، فلا يصح التعلق به فى أنه تعالى قد فعله.

وإنما يدل على أنه يصح أن يفعله لو شاء ذلك ، وهذا مما لا تمنع منه لو كان الطبع كما قالوه ، لأنه تعالى قادر على أن يمنع الكافر من الإيمان بضروب من الموانع (1)، لكنه مع التكليف والتخلية لا يجوز أن يفعله ، لأنه يقتضى كونه فاعلا للقبيح ، تعالى عن ذلك!

وإنما ذكر تعالى [ ذلك ] عقيب ما أورده من إنزاله البأس بأهل القرى ، وإحلاله المكر بهم ، لينبه تعالى على (2) ما يوجب الاعتبار بأحوالهم ، وعلى أنه قادر على إنزال ذلك بجميع الكفار ، وإن كان قد لا يفعله ببعضهم لما يعلمه من المصلحة ، ولهذا قال تعالى : ( تلك القرى نقص عليك من أنبائها ) إلى آخر الآية ، مبينا بذلك أنه أورد أحاديثهم لكى يقع بها الاعتبار.

** 260 مسألة :

فيه ، فقال : ( وألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين ) (3) فأضاف ما فعلوه من السجود إليه.

والجواب عن ذلك : أنا قد بينا أن ذكر الفعل مع حذف ذكر الفاعل لا يعلم به من الفاعل ؛ لأن اللغوى إذا أراد أن يكتم من الفاعل ذكر الفعل على هذا الحد ، فلا ظاهر للكلام على الوجه الذى تعلقوا به.

ولو كان الله تعالى ألقاهم ساجدين لم يستحقوا على ذلك مدحا ، ولا أضيف السجود إليهم ، ولا الإيمان الذى يقتضيه السجود.

Page 290