200 دلالة : وقوله تعالى بعد ذكر اليمين والكفارة : ( واحفظوا أيمانكم ) (1) يدل على أن الإنسان قادر على أن يبر ويحنث ؛ لأن حفظ اليمين يقتضى أن اليمين قد وجد ، ومتى وجد لا يقع حفظها إلا بالوجه الذى قلناه ، وهو مجانبة الحنث « وتعمد البر (2)، وهذا لا يصح إلا وهو قادر على الأمرين متمكن منهما ، ولو كان تعالى يخلق فيه الحنث على وجه لا يمكنه أن ينفك عنه ، وإن اجتهد فى محافظة اليمين ، لم تكن للمحافظة معنى على وجه!
** 201 دلالة أخرى :
حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب ) (3) يدل على أنه تعالى لم يجعل السائبة بهذه الصفة على ما كانوا يعملون ؛ لأنهم لم يكذبوا فى إضافة نفس السائبة إلى أن الله جعلها ، وإنما كذبهم فى زعمهم أنه جعلها كذلك ، فإذا نفى تعالى أن يكون جعلها كذلك بهذه الصفة ، فقد دل على أن أفعال العباد مضافة إليهم ، ولو كان هو الخالق فيهم تسييب السائبة وامتناعهم من أكل لحمها وركوبها وجز وبرها ، لم يجز أن ينفى عن نفسه ذلك ، لأن ما به صارت كذلك هو من قبله ومن فعله.
فإن قالوا : إنما نفى عن نفسه التعبد بذلك والأمر به!
قيل له : إن الأمر بذلك غيره « والبغى عليه دخل (4)، فمتى صرف الى التعبد والأمر ، فهو عدول عن الظاهر من الوجه الذى استدللنا عليه.
Page 234